بين سندان الصمت ومطرقة الهلاك
بقلم ــ مرزوق بن علي الزهراني
يقول “نيتشه”: (أحياناً لا يرغبُ الناسُ في سماع الحقيقةِ، لأنّهم لا يريدون رؤيةَ أوهامِهم تتحطّم).
حزب الله اللبناني، كيان ديني وسياسي وعسكري، يثير العديد من الأسئلة حول دوره وأثره في لبنان بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام. الكثير من الناس يتساءلون بشكل دائم ومستمر: لماذا يتعمد هذا الحزب إشعال الفوضى والدمار في المنطقة؟ هل ذلك الحزب رمز حقيقي للمقاومة، أم أن له أهدافًا مادية وأيديولوجية أخرى قد يجهلها الكثير من الناس؟ هل يمثل حزب الله نظامًا سياسيًا واجتماعيًا ذا ثقل حقيقي، أم أنه مجرد ذراع من الأذرع الإيرانية في المنطقة، والتي تقوم عقيدتها على تقويض الأمن والسلم بشكل متعمد ومقصود خدمةً للخطط التوسعية للجمهورية الإيرانية؟
تباين الآراء حول ما يحدث في لبنان اليوم. هل هي نتيجة لأفعال طائشة من قادة حزب الله والمتحالفين معهم من بعض المسؤولين عن الأحزاب اللبنانية الأخرى، أم أن هناك قوى خفية تلعب لعبتها في الظلام؟ إن الأزمات المتتالية في لبنان ليست مجرد أحداث عابرة في تاريخ بلد عانى طويلًا من ويلات الحروب والدمار، بل هي تعكس واقعًا معقدًا يُظهِر بشكل جلي وواضح مدى عمق الصراع بين القوى السياسية الداخلية والخارجية (داخل لبنان وخارجه).
الشعب اللبناني، الذي شهد أهوال الحروب والفقر على امتداد فترة زمنية ليست بالقصيرة، لا يزال صابرًا ومحتسبًا لا يحرك ساكنا وفقًا لما نراه. فهل يا ترى في ذلك قوة أم ضعف؟ هل الخروج عن الصمت يتطلب إيمانًا أكبر بالقدرة على التغيير، في وقت بدأ اليأس يستولي على النفوس؟ الهلاك الذي يواجه لبنان قد يراه البعض ماديًا فقط، لكنه في الحقيقة هلاك روحي واجتماعي أيضًا. الفساد المستشري في الحياة الاجتماعية، والذي أصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي، قد يؤدي إلى تآكل الثقة فيما تبقى من المؤسسات، إن كان بقي شيء من ثقة اللبنانيين في تلك المؤسسات. إذا افترضنا أن الحرب ستتوقف، هل سيتعلم اللبنانيون من الدروس المتعددة والخبرات الصعبة الحالية والماضية التي مروا بها؟ أم أن التاريخ سيعيد نفسه بتكرار الأخطاء نفسها؟ إن إمكانية وجود فجر جديد تشرق من خلاله خيوط الأمن والأمان تتوقف على مدى استعداد المجتمع للتغيير والتكيف مع الظروف الجديدة. ولكن، في ظل الأوضاع الحالية، قد يكون الظلام هو السائد في النهاية. وأخيرًا، هل ينقصك إيمان أن حزب الله اللبناني هو تجسيد لكل ما هو شر، وبالتالي فهو لن يقود إلا إلى الفساد والخراب؟ هل سيظل المصلحون والحكماء في لبنان بعيدين عن المشاركة في التغيير، أم أنهم سيتحركون ليكونوا جزءًا من الحل لحماية ما يمكن حمايته من اسم ومكانة “سويسرا الشرق الأوسط”؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب تفكيرًا عميقًا وفهمًا شاملاً للسياقات السياسية والاجتماعية في لبنان. فالصراع بين الأمل واليأس، وبين المقاومة الصادقة والفساد، هو ما يشكل مصير هذا البلد. إن تجاوز الأزمات المتكررة في لبنان يتطلب التزامًا جماعيًا ورؤية مستقبلية واضحة، من خلال الحوار والتفاهم بين جميع الأطراف لتعزيز الوحدة، وإصلاح النظام، وتحفيز الاقتصاد، ليتمكن الشعب اللبناني من بدء رحلة جديدة نحو الاستقرار والازدهار.