مقالات وكتاب

‏….الدراسة في رمضان….

بقلم د. عبدالله بن رده الجعيدي الحارثي

خصَّ الله تعالى شهر رمضان بخصائص وفضائل دون غيره من شهور العام،
قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه..) .
وقال عليه الصلاة والسلام:( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
فهو دُرَّة الشهور وبدرُ سماواتِ الأعوام، لايأتي إلا مرة واحدة في العام، ويتعاظمُ فيه أجر الأعمال الصالحة، ففيه فضلًا عن الصيام: صلواتُ التطوع كالتراويح والقيام، وقراءة القرآن، والذكر، وغيرها من العبادات التي يتقرب بها المسلم لربه، حيث أنها تستوجب من المسلم التفرغ أو شبه التفرغ لأدائها للقيام بها خير قيام وأكمل وجه وأيسره، ومن وجهة نظري الشخصية والتربوية والأبوية فإن استمرار الدراسة في هذا الشهر الكريم يُعدُّ أمرًا مرهقًا ومتعبًا للطالب وللأسرة ، وذلك نظرًا لحرص الجميع على الوفاء بأداء شعائر هذا الشهر الفضيل، ونجد معظم الأسر تنشغل عن الأبناء بمتطلبات كثيرة ومتنوعة، ولعل تأجيل الدراسة في شهر رمضان لجميع مدارس التعليم العام والتعليم الجامعي أفضل من استمرارها ؛ للتخفيفِ من المعاناة التي تجدها الأسر في إيقاظ الأبناء للذهاب للمدارس، وفي متابعة دراستهم وتحصيلهم؛ وأدائهم الاختبارات الوطنية، ونظرا لضيق الوقت وتزاحم الأعمال في هذا الشهر الكريم ، وتوزيع اليوم بين الدراسة والصيام والصلاة والقيام والعبادة وتلاوة القرآن وتوفير متطلبات الحياة اليومية والنوم والارتباطات الأسرية وغيرها، كما أن في ذلك تيسير على المعلمين الذي يمثل ارتفاع نسبة غياب الطلاب عبئًا إضافيًا بالنسبة لهم، فشرح الدروس لفئة قليلة منهم يتطلب إعادته للغائبين وذلك لترابط الدروس وبناء بعضها على بعض, و درءًا لحدوث فاقد تعليمي ينعكس أثره على المعلم والطالب ، كما أن الفائدة المرجوه من الدراسة في رمضان لا تكاد تتحقق، بل إن تحصيل الطلاب دون المستوى المطلوب، وذلك لتواتر الأسباب المفضية لذلك، ومنها: كثرة غياب الطلاب عن المدرسة، وتأخرهم في الحضور، وكثرة الاستئذان لهم بالخروج من المدرسة، والخمول والنوم الذي يعتري بعضهم أثناء الحصص أو المحاضرات، وعدم استيعابهم للدروس، وضعف الدافعية للتعلم، والعبء المصاحب للذهاب أو الخروج من المدرسة، فضيق الوقت وازدحامه بالمطالب والانشغالات الكثيرة والمتنوعة يجعل تأجيل الدراسة مطلبًا ملحًا للطلاب وذويهم ،ومعلميهم، ومن يرى بأن رمضان شهرٌ كبقية الأشهر فقد جانب الصواب، وما المانع أن يتفرغ الجميع في رمضان بدون الخوض في التبريرات الغير واقعية والذي لدى الأغلبية القناعة التامة بعدم صحتها، ولعلنا نمتثل قوله تعالى: (يُرِيدُ اللهَ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ العُسْرَ).ويمكن لاصحاب الصلاحية من المسؤولين دراسة مثل هذا الموضوع من كافة الجوانب واستطلاع رأي المعنيين . سائلين الله العون والقبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى