التعلم المستند إلى الدماغ
بقلم :مرزوق بن علي الزهراني
أفضت المحاولات البحثية التي قام بها مجموعة من علماء النفس والتربية والاعصاب في مجال التعلم والتعليم في الآونة الأخيرة ،إلى تطوير مجموعة من المفاهيم الجديدة للكيفية التي يتم بها اكتساب المعرفة وتخزينها، مما أدى بدوره إلى تزايد مصادر المعرفة بشأن الكيفية الصحيحة لتعلم البشر، ومن ثم البدء بتصميم الآليات والأساليب والاستراتيجيات الفعَّالة لنشر المعرفة على نطاق واسع، ليتحول التعليم من مجرد نقل المعلومات وتدريب الطلاب على حفظها، إلى التركيز على فهم المفاهيم والمصطلحات وسائر المهارات المعرفية الأخرى وربط ما يتم تعلمه منها بما تم تعلمه مسبقًا، ليتم بعد ذلك ربط كل ما تم تخزينه بواقع الحياة العلمية والعملية بشكل دائم ومستمر.
ومن تلك المفاهيم والاستراتيجيات والأساليب الجديدة التي أشار إليها هؤلاء العلماء، استراتيجية التعليم المستند إلى الدماغ، والتي ترتكز بدورها على مجموعة من القواعد الأساسية والأساليب المهمة في عملية التعلم، ومن الأمثلة على ذلك: التركيز على توفير بيئة تعلم متنوعة ومحفَزة ومشجعة وداعمة لعموم الطلاب، تعمل على تعزيز التفاعلات الإيجابية بين المعلم والطلاب وبين الطلاب أنفسهم بما فيهم الطلاب الذين لديهم احتياجات تعليمية خاصة، كما تشجع عموم الطلاب على استخدام عمليات التفكير النقدي وتدفعهم إلى الاستقلالية في التعلم.
كما يتضمن التعليم المستند إلى الدماغ أيضا، توظيف تقنيات تعليمية مساعدة مبتكرة ومناسبة لتطورات التكنولوجيا الحديثة، فعلى سبيل المثال؛ يُستخدم التعلم القائم على المشروعات والتعلم النشط باستخدام التكنولوجيا لتعزيز تفاعل الطلاب مع المواد الدراسية وتحفيزهم على استكشاف الموضوعات بصورة أكثر عمقًا ومتعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التعليم المستند إلى الدماغ يقوم بالتركيز على تعزيز تطوير مهارات التفكير العليا والابتكار والتعلُّم الذاتي للطلاب، بحيث لا يكتفي المعلم بإعطاء الطلاب المعلومات فقط كما كان يفعل في السابق، بل يقوم بتدريبهم على كيفية تحليل تلك المعلومات وتنظيمها وتقييم جودتها، من ثم ربطها بواقع الحياة الميدانية التي يعيشها الطالب.
كما يقوم التعليم المستند إلى الدماغ بفرز ودراسة مختلف المشكلات التي قد تعيق عملية التعلم، وبناء على ذلك يتم اتخاذ القرارات المناسبة لحلها. كما إن التعليم المستند إلى الدماغ يعمل على تنمية مهارات التعلم الذاتية للطلاب وفقا لمعايير عالية الجودة من اجل إعدادهم وتهيئتهم لمواجهة تحديات المستقبل ومتطلباته.
وتأسيسا على ما سبق، فإن التعليم المستند إلى الدماغ بشكل مختصر يعتمد على مجموعة شاملة من المفاهيم والمبادئ التي تهدف إلى تعزيز تعلم الطلاب بصورة فعالة وذات تأثير فاعل. إنه توجه تعليمي حديث ومثير للاهتمام يهدف إلى تحسين جودة التعليم وتطوير قدرات الطلاب في مواجهة المستقبل والاستعداد لتجاوز تحدياته.