كأن على رؤوسهم الطير!
بقلم: سمية الغامدي
في الجزيرة البعيدة، التي يحفها الضباب السحري العجيب، يحجبها عن أنظار جميع المخلوقات، عاش ملكٌ غير مسؤول، لا يهتم بشؤون شعبه، لا يهمه شيءٌ سوى الطعام، بدين، أبيض الوجه، أحمر اللحية، قليلٌ من الشعر الأحمر يستقر تحت تاج عظيم وأصابع مليئة بالخواتم الذهبية المرصعة بالمجوهرات.
“يا هذا” صرخ الملك “أحضر لي مزيدًا من الطعام”.
“كما يأمر سيدي” قال الخادم الذي اسمه ميمون ولم يكن الملك يعلم بهذا.
فتىً صغير يلعب ويمرح بالقرب من القلعة، كل يومٍ يراقبه الملك وهو جالسٌ على عرشه ذي الظهر العريض والطويل من نافذة غرفة الطعام التي أصبح بالكاد يغادرها!
“يا هذا” قال الملك مناديًا الخادم ميمون “أريد هذا الرضيع”.
“رضيع؟ ” قال ميمون “أي رضيعٍ يا سيدي؟ “.
“تعال إلى هنا وانظر” يتقدم ميمون باتجاه الملك “ذلك الفتى الصغير” قال وهو يشير بإصبعه من النافذة “أحضره لي”.
أومأ ميمون برأسه إيجابًا.
يراقب الملك ميمون وهو يخرج من باب القلعة، ضحك لفكرة أن ميمون أصبح صغيرًا من هنا، ها قد اقترب منه، أوه إنه يتحدث معه، يا إلهي عمّ يتحدثان؟ لِمَ أنا متحمس بهذا الشكل.
طرقت يد مرتعشة الباب برفق، “ادخل” قال الملك وهو يعتدل في مقعده، دخل الفتى مسرعًا من خلف ميمون بعد أن دفعه، يتلفت حوله ويجيل نظره في كل الأشياء الرائعة الموجودة هنا، انزعج الملك من هذا التصرف لكن سرعان ما صرف هذا الغضب عنه وقال محيٍّ الفتى:
– مرحبًا بك أيها الصغير، كيف تجد تلك اللوحة؟
– أهلًا بك، أجدها جيدة نوعًا ما، لم يعجبني وجود تلك البقعة الخضراء هناك، من صنعها؟
– أنا صنعتها، ألستُ بارعًا؟
– لا، لا أعتقد ذلك.
انزعج الملك من فضاضة هذا الفتى وقال له:
– من والدك؟
– لا والد لي.
– من والدتك إذا؟
– لا والدة لي.
– إذا من يكفلك؟
– من على رأسه طير!
لم يفهم الملك مغزاه ولكن يبدو أن الفتى يتمتع بذكاءٍ حاد. فهم؟”. ميمون مرماه وحاول أن يحبس ضحكته قدر المستطاع.
فرد الملك مستغربًا:
– ومن على رأسه طير؟
– حسنًا إنه رجل، وهو متكاسل، ويحب الأكل، لا يستطيع تحمل المسؤولية، ويحب التجمل جدًا، وهو بدين لذا فهو قبيح. هل عرفته يا مولاي؟
– أكاد أقسم أنني لم أعرف قط رجلًا بهذه المواصفات يا فتى.
– دعني أسهل الأمر عليك، هو متكبر، يظن أنه موهوب وهو عكس ذلك تمامًا، رسامٌ سيء.
استغرق الأمر بضع لحظات من الملك ليستوعب أنه المقصود، ولشدة صدمته لم يعرف بماذا يرد على الفتى.
ضاحكًا قال الفتى: جميعهم، كأن على رؤوسهم الطير!.