وحدة صغيرة.. نجاح كبير..!
قد تكون بدايات بعض المؤسسات أو الشركات في إدارة عملية “الاتصال المؤسسي” ناجحة ومثمرة، وقادرة على المساهمة في تنفيذ الاستراتيجية العامة بكفاءة، إلا أن هذا النجاح قد يخفت تدريجياً من دون سبب واضح حتى يصل إلى نقطة الجمود التام، فماذا قد يكون السبب..؟
إن من بين الوحدات الرئيسة التي يجب أن تتوافر داخل إدارة التواصل المؤسسي في أي كيان، هي وحدة “الأبحاث والدراسات”، والتي لا تقل أهمية عن أي من الوحدات الأخرى داخل الإدارة، وربما تفوقت عليها في الأهمية خلال بعض الأوقات.
وتكون وحدة الأبحاث والدراسات مختصة عادة بإجراء الأبحاث والدراسات لمعرفة درجة التغير في الانطباع لدى المجتمع، ومن ثم المساهمة في إعادة صياغة رسالة المؤسسة أو تحسينها أو تعديلها حسب الظرف الراهن.
وهنا يمكن أن نعثر على سبب انخفاض معدل نجاح خطة الاتصال المؤسسي تدريجياً على الرغم من البدايات الجيدة، وهو أن كثيراً من الكيانات والشركات تولي عملية الاتصال المؤسسي الاهتمام المطلوب في البداية فقط، وتعتقد بأنها قد أتمت المطلوب منها، بينما الاتصال المؤسسي عملية مستمرة ودائمة ولا تنتهي طالما بقيت المؤسسة قائمة ومنتجة.
ففي عالم يشهد ثورة من التطور والتغير المستمر، وفي ظل أوضاع لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تقدمه لنا بعد عدة أيام وليس سنوات، يصعب أن يستمر المزاج العام للجمهور تجاه قضية أو منتج أو خدمة من دون تغير أو تبدل، وهو ما ينعكس بالتالي على نظرة هذا المجتمع إلى مقدم الخدمة.
وهنا يظهر دور وحدة الأبحاث والدراسات، التي تكون مهمتها قراءة المشهد العام وتوقع ردود الأفعال، وتحليل التغيرات الحادثة في تفاعل الجمهور والمجتمع مع المؤسسة وما تقدمه، حتى تستطيع المؤسسة أن تكون دائماً “Update” وحاضرة في المشهد ومواكبة للتغيير، وإلا شعر الجمهور أنها باتت من الماضي ولم تعد انعكاس لفكره وتطلعاته ومساعيه.
وأدوات هذه الوحدة في جمع المعلومات وقياس التفاعل والمزاج العام، لا يمكن حصرها في مجموعة أدوات محددة، بل إن البراعة التي تفرق بين المؤسسة وأخرى تكمن في قدرة كل منهما على ابتكار أدوات مختلفة لقياس هذه التغيرات، أدوات دقيقة وصادقة ومعبرة.
ومن أمثلة هذه الأدوات، الاستبيانات أو التواصل المباشر مع العملاء، أو متابعة وحصر وتحليل ردود الأفعال على الشبكات الاجتماعية وما يقال عن المؤسسة، أو حجم وكيفية تعامل وسائل الإعلام مع المؤسسة وما تقدمه من خدمات، وغيرها من الوسائل، التي يمكن أن تجعل المؤسسة في قلب الحدث دائماً.
إن وحدة صغيرة بحجم “الأبحاث والدراسات” داخل إدارة التواصل المؤسسي، يمكن بأدائها ونشاطها أن تحيي مؤسسات كادت تندثر، أو تقضي على مستقبل أخرى كان يتوقع لها الجميع النجاح الدائم.