السعودية نحو التغيير
لقد شهدت السعودية تحولات كبيرة و تغييرات مهمة في عهد ولي العهد محمد بن سلمان ، بصدور حزمة من القرارات الجريئة، والمشروعات الضخمة، ترسم مستقبل جديد للمملكة السعودية المنفتحة على العالم مع احترام خصوصيتها المجتمعية و مكانتها العربية والإسلامية.
ومما لا شك فيه أن رؤية السعودية 2030 ، والتي تهدف المملكة من خلالها إلى تنويع الاقتصاد، وتطوير هيكل الإنتاج، وخلق قطاعات جديدة مولدة للدخل؛ دون الاعتماد فقط على الموارد النفطية في عالم يشهد تحولًا كبيرًا نحو عصر ما بعد النفط ، تؤكد بشكل جلي على أن المملكة العربية السعودية تشهد تحولا تاريخيا سيجعل منها قوة صاعدة على المستوى الاقتصادي و العسكري ، بفضل القرارات الشجاعة و الجريئة التي اتخذها ولى العهد محمد بن سلمان لمواجهة التحديات، والتحولات التي تمر بها المنطقة والعالم ضمن رؤية ملكية لهندسة البيت الداخلي، وهندسة العلاقات والتحالفات الإقليمية والدولية.
و هذه المبادرات الشجاعة لولي العهد ستساهم في تعزيز وتقوية القرار السياسي و الاقتصادي السعودي و استعادة الدور الاستراتيجي للمملكة على الصعيد الدولي والإقليمي ويضعها في مصاف الدول العظمى بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا و اليابان و الصين و بريطانيا و غيرها.
فاستراتيجية المملكة العربية السعودية الآن تقوم على بناء الشراكات الاقتصادية، والاستثمارية مع الدول العظمى المؤثرة في السياسة الدولية ، ضمن الرؤية السعودية 2030م، وبرنامج التحول الاقتصادي 2020م، وفي إطار الشراكة المتكافئة المبنية على الاحترام المتبادل.
كما أثبتت رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني لعام 2020 وبرنامج التوازن المالي الحاجة إلى تشجيع المشاركة الكاملة للمرأة في سوق العمل وتنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعها واقتصاد بلادها.
فتولّي الأمير محمد بن سلمان، الذي يقف وراء الرؤية الاستراتيجية 2030، منصب وليّ العهد، شكل فرصة إضافية كي تحتل المرأة السعودية موقعها الطبيعي في الحياة ، و تلعب دورا أكبر في المجتمع ، بعد سنوات من التهميش والمصادرة نتيجة بعض السياسات الدينية المتشددة ، بعد ما صرح ولي العهد في مستهل صعوده السياسي بأن المرأة نصف المجتمع.
ورغم أن التغييرات التي يقودها بالأساس ولي العهد محمد بن سلمان ستصطدم مع الكثير من السعوديين المحافظين الذين يتمسكون بالتقاليد القديمة ويرفضون أي تطوير أو تغيير ، إلا أن هذه التغييرات لقيت قبولا و استحسانا من قبل المواطن السعودي، وخاصة الشباب.
هذا مع العلم أن الشباب يشكل أكثر من نصف التركيبة السكانية في المملكة العربية السعودية، ووصل إلى مستوى من الوعي ، و أغلبه حاصل على تعليم عال ، وبالتالي لا ينبغي أن يتم التعامل مع هذه التركيبة الاجتماعية بعقلية تقليدية .
إن التغيير لا يأتي بسرعة كافية ، لا سيما وأن برنامج التحول الوطني مهمة محفوفة بالمخاطر، خاصة وأن ذلك يتطلب مشاركة المواطن السعودي في عملية الإصلاح و مقاومة كل المعرقلين لعملية التغيير و أصحاب الفكر المتشدد .
وفي الأخير ، يمكن الجزم على أن الإصلاحات التي تقوم بها القيادة السعودية ، ستجعل من المملكة العربية السعودية ، دولة الحق و القانون ، تحترم حقوق المواطنين ، و أيضا دولة ذات اقتصاد قوي و منافس عالميا بفضل الرؤية الاستراتيجية 2030 . لكن ذلك لن يتأتى إلا بمواصلة إجراءات مكافحة الفساد و اقتصاد الريع و إشراك المواطن في وضع الخطط و السياسات.
الدكتور / خالد الشرقاوي السموني
مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية