بعنوان: الوطن باقِ والحاقدون زائلون
السلطة ليست هي الدولة ! بل هي جزء من أجهزة الدولة، وأي شعار غير هذا هو عبث بمفهوم الدولة المدنية الحديثة، مهما كان شعاراً رناناً يدعي الشمولية، سواءً بالايدلوجيات الدينية أو القومية أو حتى العمالية، الذين يدعون الديمقراطية وهم أبعد ما يكونون عنها بمعناها الشمولي المندرج تحت وسائل وأدوات الدولة المدنية التي تديرها سلطة بنظام يكفل ما له من حقوق وما عليه من واجبات.
أن أوضح دليل على فشل المحاولات الاحادية للتفسير المغاير لشمولية مفهوم الدولة، هو ما نراه ورأيناه من واقعنا الحديث والمعاصر، كالأنظمة الاحادية الدينية مثل دولة الرب أو الخلافة الاسلامية المزعومة أو الولي الفقيه، حتى لو كانت تحمل شعار شرعي مثل ((تطبيق الشريعة)) وكذلك الأنظمة الاحادية الاشتراكية مثل الشيوعية الاشتراكية والاشتراكية الديمقراطية، حتى لو كانت تتشدق بشعارات الاتحاد والبناء مثل ((يا عمال العالم اتحدوا)) وايضاً الأنظمة الاحادية القومية مثل القوميات والأحزاب والثورات العربية والأحزاب الفاشية والنازية، مهما حملت من شعارات شعبية وثورية مثل ((أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)).
الدولة هي كيان اعتباري يتمثل بالوطن الذي تعود ملكيته لمن – يملكونه ويملكهم – وهم شعبه بماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. ومن القراءة بالفلسفة وعلم الاجتماع وسيكولوجية الجماهير والتاريخ المعاصر وما عشناه من الحاضر، استخلصت تعريف شمولي لمفهوم الدولة المدنية الحديثة المتمثّلة بالوطن، وهو كيان بطبيعة مادية ومعنوية معاً، يتكون من أصل (ثابت) ومنظومة (منبثقة) من ثقافة (متجانسة) وآراء (مختلفة) وأفكار (متناغمة) تعمل على (البناء) لأجل أهداف زمنية (متصاعدة) للماضي (التخليد) وللحاضر (الرخاء) وللمستقبل (المعرفة).
قد يأتي في عقل البعض أن التعريف الذي ذكرته يقبل أي تأويل، لانه جاء بمعاني شمولية ولكنها ليست شاملة ! وهذا ليس تلاعباً بالمفردات.. صحيح أن الكلمتين بلفظ متشابهة وشكل متقارب والمعنى الظاهر لهما هو التمدد والاتساع بلا قيود، ولكن يوجد هنالك فرق بينهما، وهو أن الشامل أزلي لا نهائي، والشمولي محدود طوعي بلا قيد، وهذه الحدود هي حرية الفرد وثقافة المجتمع وطبيعة الارض.
وبحكم عشقي للفلسفة حاولت – ولعلي وفقت – باستخدامها بالتعريف الاصطلاحي والشرعي في آن واحد لمفهوم الدولة في إطار الوطن، بحيث يكون شرح مختصر للشكل والمضمون والحقوق والواجبات والاهداف، وبما أن الوطن هو ماضي وحاضر ومستقبل المواطن يجب أن يعي هذا المواطن أنه جزء وعنصر ولبنه أساسية في بناء الدولة المتمثلة بالوطن، وفي يوماً ما قد تتسع المعرفة أو يتفاوت الإدراك أو تتغير القناعة لكن الوطن باقِ إلى نهاية العالم.
أن أعلى درجات النضج بالمجتمع الواحد هو الوطن بمفهوم الدولة المدنية الحديثة، ويجب أن يكون هذا النضج قد تكون من وعي وإدارك متصاعد للسلطة وللشعب، وخير مثال على هذا هي مملكتنا الغالية التي كانت ولازالت ومنذ تأسيسها وهي تتعرض لمحاولات فاشلة لشق الصف ونشر الفتن من المغرضين والحاقدين، ولم تلتفت لهم بل سارت بخطوات واثقة متصاعدة لم يؤثر فيها صراخ شيوخ الصحوة وعويل رفقاء الشيوعية وحقد ومؤمرات زعماء القومية.
نحن الان في مملكتنا الحبيبة مع قيادتنا الرشيدة وشعبنا العظيم نعمل على البناء بهدف التنمية والرخاء ورغد العيش، ونتسلح بالعلوم الانسانية والطبيعية وآخر ما توصلت له البشرية بالمعرفة، وأن الرؤية والعمل الذان تقوم بهما الحكومة بتخطيط وجدية واصرار من ولي العهد الامير محمد بن سلمان، وكذلك الحماس والتفاؤل والتطور بمستوى الإدراك والوعي عند المواطنين، يبشر بمشيئة الله بمستقبل باهر ونجاح وتقدم حضاري وتنموي كبير للمملكة، وهو خير رد يلجم الحاقدين ويكشف افتراءاتهم.
أن هذا المقال ليس تطبيلاً كما هي الادعاءات المعهودة من الابواق الحاقدة على مملكتنا الحبيبة بل هو اعتقادي وايماني وعشقي لوطني، بكل أجزاءه وأركانه ومكوناته، ولا يلام المرء على حب وطنه، وخاب واندحر كل حاقد على وطني.