هكذا يضللون إعلامياً
لا شك أن التضليل الإعلامي الذي يفترض سلبية المتلقي فيعمل على استلاب الألباب، وتوجيه التفكير، وتحييد الرأي في قضايا السياسة بالذات فيعمل حالة ضغط هائلة؛ ليكون أحد منطلقات الصراع والهيمنة.. ولعل الهجوم الهستيري في الفترة الأخيرة على المملكة عبر وسائل إعلام حاقدة ومضللة اغتصت بمحتوى تضليلي لدرجة الاختناق والزيغ الإعلامي، ولا يظن أن هذا التضليل يبدأ عشوائياً، بل هو مشروع مرتب له، ومعين بخطط ومرسوم بغايات. ويتم التضليل بأساليب ملتوية، ورسائل موجهة، ومن خلال مستويات وإمكانات مختلفة تعمل على تشويه الصورة المفروضة تجاه أمر، أو حدث ما، ومحاولة تشويهها بالتشكيك.. ليعبث بالأذهان والمشاعر، وذلك بهدف هدم المعنويات. وقد حاولت تلك القنوات عبر أساليب: – التهويل أو التهوين، (تهويل) أي يصنع من اللاشيء حدثاً مضخماً إذا وافق أجندته.. أو (تهوين) يصنع من الحدث الضخم لا شيء إذا لم يوافق أجندته. – سم التضليل في عسل الخبر: بث جزء ضئيل جداً من خبر سليم وتضمين رسائل التضليل. – صرف الاهتمام: إذا تغير مجرى الحدث إلى مساحة لا يرغبها المضلل.. يتم صرف الاهتمام إلى تفاصيل أخرى تخفف الأثر العكسي عليه. ـ الاستحثاث والتحريض: عبرالعبث بالخبر والمواد الإعلامية (حذف، لصق، فبركة، تلفيق، اجتزاء، تمويه، غموض، إطلاق أسئلة مغلفة برسائل في البرامج والنشرات) وبث طاقة سلبية لاستمالات تحقق هدف التضليل مثلاً (ألا يتوجب ذلك فرض عقوبات ..، هل ستتم محاسبة، أليس من الأولى أن يفعل كذا وكذا، هل سيتحرك المجتمع الدولي..، ما الرادع الذي تراه..) – التجاهل والتعتيم والإنكار والتكتيم: تجاهل وكتم الأخبار والمواد وتعتيم المواقف والتفاصيل التي لا تخدم نوايا المضلل أو الإنكار حيث يعتمد على صياغة الخبر بصيغة المبني للمجهول. – إيهام المصدر: توهم المتلقي أنها تأخذ من مصدر معتبر و(ذكر مصدر، عبّرمصدر، نقلت مصادر، قالت مصادرنا، استطاعت مصادر خاصة وغير ذلك. – التكرار والتعزيز: التراكم لا يحدث إلا بالتكرار في أوقات وطرق متنوعة وأشكال متعددة (المذيع ينقل نفس الرسالة التي تبثها قناته عبر حسابه في الشبكات، يتصدر الخبر النشرات والمواجيز، تؤخذ مداخلات تؤيد محتوى الخبر، يتم تمرير نفس الخبر بذات التأطير في الشريط، يبرز مربع أخر على الشاشة يحتوي نفس الخبر، وتظهر مشاهد ومقاطع تناسب مع الخبر.. هنا المتلقي يقرأ ويسمع ويرى كل ذلك يغذي حواسه فيكون أقرب إلى التأثر إن كان غير واعٍ بالحدث وخلفياته وتوجهات الوسيلة. – منح الألقاب والتلاعب وتلوين اللغة واللعب بالألفاظ: تلجأ الوسيلة لمنح ألقاب فخمة وصفات ملفتة للتأثير على عاطفة المتلقي واستمالته قد لا تكون فيهم وهذه الألفاظ مثل : خبير استراتيجي، مسؤول أمني سابق، باحث في العلاقات الدولية، ناشط أومحلل سياسي، ناشط حقوقي، مستشار، وتلوين اللغة بألفاظ موجهة تحمل رسائل فشتان (بين مقاطعة وحصار، ومقتل ووفاة، ومختل وإرهابي) ويبقى القول: إن موضوع التضليل الإعلامي موضوع واسع يحتاج إلى مساحات أكبر لطرح أوفى، ولا شك أن آثار التضليل تعتمد في نجاحها من عدمه على هدوء وتريث المستقبل.. ووعي وقدرة المتلقي في استيعاب الحقيقي من المضلل، وفرز التوجهات، وتصنيف الوسائل.