عام

سلوكك للبيع

ألم تندهش من ظهور إعلان مفاجئ على هاتفك لسلعة تخطط إلى شرائها أو منتج تحتاج إليه وبحثت عنه أخيرا أو وجهة معينة تفكر فيها مجرد تفكير أو حتى وجبة تفضلها؟.
تأكد، لا يوجد مصادفة في الموضوع، فالذكاء الاصطناعي داخل هاتفك جعلك مكشوفا أمام محركات البحث والمنصات الاجتماعية، فابتاعتك بثمن غير بخس في سوق البيانات فتلقفها مهندس المعلومات بالمسطرة والقلم وراح يرسم مخطط اهتماماتك ورغباتك، وأحالها إلى طبيب البيانات بالمشرط ليقص برنامج حياتك، وفقا لتفضيلاتك المرسومة عن طريق خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
وأنت حين “ترتوت” وتفضل وتعلق وتشير، فإنك تقدم وصفة مفصلة عنك إلى تجار البيانات لتصميم حياتك الرقمية بما يرضيك ويشبع غرائزك، ويجعلك في بهجة دائمة واستهلاك مستمر وخطير، فبحسب دراستين بريطانية وأمريكية كشفتا عن تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري 50 في المائة في غضون 45 عاما.
هذا لا يعكس أن الآلة أذكى أو أنها لعنة، بل من الواجب استثمارها على نحو يخدم البشرية ويقدم حلولا لجودة الحياة والصحة والتعليم، طالما التزمت بالأخلاق، وهو عكس ما يصوره لنا فيلم “المعضلة الاجتماعية” The Social Dilemma الذي بثته منصة نتفيلكس أخيرا وأثار ضجة واسعة، فالحاصل أن برمجيات الذكاء الاصطناعي تعمل وفق فلسفة attention economy القائمة على صنع الاهتمام وجذب الانتباه، لكن الجديد في الفيلم وجود شهود عيان لموظفين سابقين في شركات رقمية يكشفون أسرار نخاسي البيانات الذين يجعلون من سلوك البشر سلعة تباع وتشترى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى