معاً لاستكشاف آفاق العصر الرقمي الذكي
في الوقت الذي نقف فيه على أعتاب عقد جديد، يمكننا القول بكل ثقة أننا نعيش حالياً في العصر الرقمي الذكي الذي تعززه اتصالات الجيل الخامس، وتدعم مساراته التقنيات المتطورة الجديدة كالذكاء الاصطناعي والحوسبة. فالعالم الذكي والمتصل بالكامل لم يعد مجرد فكرة نظرية، بل أصبح واقعاً ملموساً في كافة المجالات. والسؤال المهم الذي يجب أن نطرحه في العصر الرقمي الذكي: هل ستتزايد أعداد المنضمين إلى هذا العالم الجديد؟
تمثل تقنية الجيل الخامس من أعظم تطور طرأ في هذا المجال على مدار العقد الماضي، حيث تشمل الإمكانات التي تتيحها والقيمة التي توفرها هذه التقنية كافة جوانب المجتمع وعالم الأعمال. وقد برز ذلك بشكل رئيسي في بلدان الشرق الأوسط التي كانت في مقدمة الدول التي تبنّت تقنية الجيل الخامس. كما اعتمدت العديد من الشركات المشغلة لشبكات الهاتف المحمول في المنطقة شبكات الجيل الخامس على نطاق واسع أو أعلنت عن خططها لنشر هذه الشبكات باعتبارها أحد أهم المحاور الداعمة لمجالات واسعة ضمن القطاعات الحيوية والصناعات، وتساهم في تحقيق أهداف ورؤى التنمية المستدامة للخطط والاستراتيجيات الوطنية.
نعمل خلال العام الحالي على استغلال القدرات التي يتيحها النظام الإيكولوجي للجيل الخامس بشكل أسرع، وذلك من خلال اختبار حلول الجيل الخامس في مختلف خدمات الصناعات المتخصصة، حيث تتضمن نشاطاتنا في استكشاف القطاعات المقترنة بالجيل الخامس السيارات المتصلة الذكية، والمصانع الذكية، والرعاية الصحية الذكية، والشبكات الذكية، والتعليم الذكي، وأمن المدن، والطائرات من دون طيار، والزراعة الذكية، ووسائل الإعلام الذكية.
وفي هذا الإطار، لدى هواوي رؤية مستقبلية مبتكرة تتيحها تقنية الجيل الخامس التي باتت جاهزة للاستخدام التجاري في جميع أنحاء العالم. وفي حين تثري تقنية الجيل الخامس حياة الناس، فإنها تعزز عملية الرقمنة في كافة المجالات وتساهم في تقدم المجتمعات ودفع عجلة بناء الاقتصادات الرقمية المستدامة المبنية على المعرفة.
سنشهد بزوغ هذه الإمكانات الجديدة التي تعززها تقنية الجيل الخامس من خلال ثلاثة جوانب: توفير إمكانات جديدة في مجال الأعمال، وإمكانات جديدة في مجال الشبكات، وإمكانات جديدة للمجتمعات.
تبدو الإمكانات التي تتيحها تقنية الجيل الخامس في مجال الأعمال جلية، حيث ستحفز النمو في مجال الأعمال التجارية المتبادلة بين الشركات، والأعمال التجارية بين الشركات والمستهلكين، والأعمال التي تمس صالح البشرية جمعاء. وسيمهد التعاون ضمن النظام الإيكولوجي الشامل والمتكامل الطريق إلى نجاحات مشتركة ستؤدي بدورها إلى تمكين وتطوير القوى العاملة على الصعيد العالمي في كافة المجالات. وسوف تعزز الشبكات القطعية للتبادل المشترك الأعمال التجارية المتبادلة بين الشركات. كما ستسرع النمو والابتكار من خلال خدمات الربط المخصص بتقنية الجيل الخامس، والمقرات المزودة بتقنية الجيل الخامس، والمراقبة عبر الفيديو بتقنية الجيل الخامس، بالإضافة إلى الشبكات الخاصة عريضة النطاق IP RAN. كما ستساهم تقنية الجيل الخامس والشبكات البصرية المنفعلة PON في إنشاء شبكات سلكية ولاسلكية ضخمة على نطاق واسع لدعم التحول الرقمي للمؤسسات.
إن تسهيل خدمات الجيل الخامس سيعيد تشكيل الأعمال التجارية المتبادلة بين الشركات والمستهلكين بوتيرة تسارع كبيرة ويعطيها أبعاداً جديدة. وستشكل الشبكات عالية الجودة، والخدمات المبتكرة، والباقات المرنة الأساس لنجاح تقنية الجيل الخامس بين مختلف شرائح المستهلكين النهائيين. وستوفر الشبكات البصرية القادرة على العمل بمعدل 10G PON – والتي يمكن إنشاؤها بنفس تكلفة GPON – تجربة مميزة للمستخدمين فيما يخص تقنية “واي فاي” والذكاء الاصطناعي.
أما بالنسبة لشركات الاتصالات، فإن تقنية الجيل الخامس ستضفي قيمة جديدة على الشبكات، حيث تعمل شركات الاتصالات جاهدة لاعتماد خدمات الجيل الخامس التي تواكب كافة السيناريوهات وتدعم شبكات التبادل المشترك المبسطة. ونعتبر في هواوي أن الوقت حان لتوفير خدمات سلسة ومرنة لعملائنا، في الوقت الذي نواجه فيه التعقيدات بأنفسنا، حيث ستؤدي الحلول اللاسلكية دوراً مهماً في إتاحة هذه القيمة. لذا، نقدم مجموعة من حلول الجيل الخامس المبسطة التي تواكب جميع السيناريوهات، ما يمكّن شركات الاتصالات من الحفاظ على تقدمها مدعومة بالقدرات المتميزة والهندسة التي تسرّع أداء الجيل الخامس.
وستساهم شبكات نقل البيانات المتكاملة التي تتمتع باتفاق مستوى الخدمة (SLA)، بالإضافة إلى التكلفة المثالية لكل بت، في إضفاء قيمة جديدة على عصر الجيل الخامس، حيث ننجز ذلك حالياً من خلال إنشاء شبكات أساسية قطعية تعمل بتقنية الجيل الخامس، وتتسم بالكفاءة والمرونة، وتركز على الاتصال والحوسبة، ما ندعوه بامكانات التقنيات الحديثة المقترنة بالجيل الخامس 5G-X، وهي التقنيات الجديدة التي يمكنها أن تكون رديفة للجيل الخامس وتعمل معها جنباً إلى جنب لإضفاء مزيد من القيمة على الخدمات والحلول، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والواقع الافتراضي المعزز.
وسيؤدي ذلك إلى دفع عجلة تطور المجتمعات وتعزيز مسارات إمكانات جديدة للقطاعين العام والخاص والمجتمعات من خلال الفرص الهائلة التي تتيحها التقنيات المقترنة بالجيل الخامس. وفي حين تمثل تقنية الجيل الخامس ترقية للبنية التحتية للاتصالات، تزودنا بعض التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي بمحركات حوسبة أكثر كفاءة، وترتقي لمستويات الذكاء وتعلم الآلة لمراحل جديدة لم تكن في الحسبان. ولا شك بأن الجيل الخامس مدموجاً بالذكاء الاصطناعي يجسدان افتتاح عصر جديد لتقنية متكاملة ذات كفاءة عالية، حيث ستساهم الخدمات التي توفرها هذه المنصة في تغيير طريقة حياتنا وعملنا.
ويبدو ذلك جلياً في التحول الذي يشهده العالم نحو المدن الذكية، حيث تبحث بلدان الشرق الأوسط – والعالم أيضاً – عن وسائل تساعد في تطوير مدنها لتصبح أكثر استدامة وكفاءة. وربما تكون تقنية الجيل الخامس هي الحل المناسب لتحقيق هذا الهدف، إذ تتيح إمكانات جديدة للمجتمعات من خلال تمكين الاعتماد على الطاقة النظيفة بشكل أكبر، وتتسم بكفاءة أكبر في استخدام الطاقة من خلال تقنية توفير الطاقة المبتكرة، والرقائق عالية الأداء التي تخفض استهلاك الطاقة ضمن المعدات التشغيلية. كما تعزز تقنية الجيل الخامس أيضاً تطور المجتمعات ذات الكثافة السكانية بفضل الحلول الذكية التي توفرها تقنية إنترنت الأشياء والتي تتيح مراقبة وتحسين استخدام الطاقة.
وستساهم الحكومات بالتأكيد بجزء من الإمكانات الجديدة المتاحة للمجتمعات، وذلك من خلال إطلاق الخدمات والاستخدامات الجديدة المقترنة بالجيل الخامس، والتي تساهم في جسر الفجوة الرقمية وتوفر الوصول إلى الخدمات بشكل متساو للجميع، لتزدهر الأعمال في هذا العصر الذكي. و هنا تبرز أهمية هذه النقطة على وجه الخصوص، إذ أن توفير الاتصال للجميع من شأنه أن يعزز الإنتاجية في كافة جوانب المجتمع، مما يساهم في تقدمه وتميزه، فالمدينة المتصلة هي المدينة التي تحفز على مزيد من الانفتاح والابتكار، وتتيح آفاقاً واسعة جديدة من التطور والنجاح لجميع المواطنين.
وستعزز تقنية الجيل الخامس أمن المجتمع باعتباره من أهم مقومات نجاحه، حيث ستكون الشبكة أكثر أماناً من سابقاتها. ويجب أن يعمل شركاء النظام الإيكولوجي معاً لتعزيز هذا المستوى العالي من الأمان، فالتعاون ضروري لتحقيق التقدم، ونحن نثق بأن استبعاد أياً من أطراف النظام الإيكولوجي سيكون له أثر سلبي – خاصة فيما يتعلق بتخفيف المخاطر.
نحن على يقين بأنه من خلال العمل معاً سيطلق عنان كامل طيف الإمكانات التي توفرها تقنية الجيل الخامس في العصر الرقمي الذكي. وهذا ما نعمل من أجله منذ بدء أبحاثها في مجال الجيل الخامس في عام 2009، حيث استثمرت هواوي حتى الآن 4 مليارات دولار في تطوير تقنية الجيل الخامس عبر تسع قواعد ومراكز أبحاث في جميع أنحاء العالم. فالبحث والتطوير من الأسس الجوهرية في أعمالنا واستمرارية ابتكاراتنا ورؤيتنا التي تهدف إلى توفير التقنية الرقمية لكل شخص وبيت ومؤسسة، من أجل عالم ذكي ومتصل بالكامل. وتحتل هواوي المرتبة الخامسة ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي للاستثمار في البحث والتطوير الصناعي باعتبارها خامس أكبر مستثمر في مجال البحث والتطوير على المستوى العالمي. ونفخر بتقنياتنا في مجال الجيل الخامس والتي نالت 3.367 براءة اختراع، أي ما يمثل أكثر من 20% من مجموع براءات الاختراع في مجال الجيل الخامس.
تطوير شبكات الجيل الخامس والنظام الإيكولوجي المقترن بها يعزز كل منهما الآخر. وونحن على استعداد دائم للعمل على تطوير النظام الإيكولوجي وتعزيز الصناعة، حيث نسعى إلى عقد الشراكات من أجل التعاون على تحقيق هذه المهمة. ويتعين على جميع الموردين في كافة أنحاء العالم، المشاركة في الحفاظ على نظام إيكولوجي صناعي أكثر تنوعاً وتوازناً، إذ لا يمكن تشكيل معيار عالمي موحد إلا بمشاركة الجميع في هذه العملية.