عام

الاجابة التي لم يفهمها الظاهري!

أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري هو أديب سلفي أطلق عليه لقب الظاهري وذلك لانه ينتمي للمذهب والمدرسة الظاهرية وليس لأنه ينتمي لقبيلة الظواهر من حرب.

يروي لنا “ابن عقيل” في كتّابه (ليلة في جاردن سيتي) عن الحوار المثير بالمناظرة الشهيرة التي جرت بيّنه وبين المفكر والفيلسوف عبدالله القصيمي، وذلك في ليلة من أحدى لياليّ شهر رمضان المبارك عام ١٣٩٤هـ في مدينة القاهرة.

وقد اثار هذا الحوار حفيظة التيار السلفي والذي كان يمثلهم “ابن عقيل” في هذه المناظرة المثيرة للجدل، ومما جعلها مثيرة هكذا غير ما دار فيها من حوار، بأنه تم حذف اجزاء كبيرة من المناظرة وباعتراف “ابن عقيل” نفسه في لقاءه على برنامج (صفحات من حياتي) بتلفزيون المجد.

وذكر “ابن عقيل” أن المناظرة امتدت من بعد صلاة العشاء إلى قبيل السحور ولكن المسئولين عن المناظرة قاموا بتهذيبها (أي قص وحجب اجزاء منها) إلى أن وصلت لحجم صغير جداً وهي ما نقلها الظاهري في كتابه (ليلة في جاردن سيتي).

وكانت حجتهم من هذا التهذيب كما روى ابن عقيل: أنه يوجد بالمناظرة اجزاء لا تليق بك (المقصود ابن عقيل) وفيها أجزاء تسئ إلى أخوانك (المقصود التيار السلفي).

ابتداء القصيمي بالمناظرة مخيراً الظاهري (أما أن تكون سائلاً وأكون مجيباً؟ وأما أن أكون سائلا وتكون أنت مجيبا؟).

وهناك سؤال سأله الظاهري بالمناظرة وأجاب القصيمي بجواب غامض اثار حفيظتي بالبحث والقياس! وكان سؤال الظاهري للقصيمي هو: ( بأنك ذكرت في كتاب لك: أنه لولا جمال عبدالناصر لما وجدت اسرائيل! فكيف يكون الاحق علةٌ للسابق؟ عبدالناصر لم يتولى الحكم ألا في عام ١٩٥٣م ودولة اسرائيل قامت في عام ١٩٤٨م)

رد القصيمي على سؤال الظاهري بإجابة غامضة توحي للانسان السطحي بأن القصيمي شخص متكبر ومتعال، ولكن بعد البحث تجد في هذه الاجابة شيء من الحقيقة! وقد كانت إجابته هي: ( أنني إذا قلت قولاً تحتاج أنت وأضرابك الذين تربوا على ما قال أبو هريرة سّنين كي تفهموه)

مع تنحية التفسير الفلسفي لاجابة القصيمي والبحث بالتاريخ الحديث عن تفسير مادي لهذه الاجابة الغريبة، اتضح لي أمّر فيه تفسير منطقي لاجابة القصيمي وهو: أن وثيقة اعلان دولة اسرائيل كانت بالفعل في مايو عام ١٩٤٨م وقامت بعدها ما سمي عند العرب بحرب النكبة وعند اسرائيل بحرب الاستقلال! وانتهت هذه الحرب عام ١٩٤٩م باستحواذ اسرائيل على اجزاء من شمال وشرق وجنوب فلسطين، وفي المقابل يستحوذ العرب على قطاع غزة واجزاء من شمال فلسطين وكذلك الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس!

إلى أن شن العرب حرباً بقيادة الزعيم المصري جمال عبدالناصر وهي ما سميت عندهم لاحقاً بحرب النكسة وعرفت عند اسرائيل بحرب الأيام الستة، وهي أنه في الخامس من يونيو عام ١٩٦٧م بدأت القوات المصرية تتبادل اطلاق نار عنيف مع القوات الاسرائيلة، إلى أن انتهت الحرب بعد ستة أيام بخسائر فادحة للعرب بالارواح والمعدات والاراضي العربية الشاسعة التي استولت عليها اسرائيل بعد انتصارها الساحق بالحرب.

وقد وسعت اسرائيل اراضيها بعد هذه الحرب باحتلالها مناطق كبيرة جداً من أرض العرب وهي شبهة جزيرة سيناء بالكامل ومنطقة الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها كامل مدينة القدس، والتي تم بعدها نقل الكنيست الاسرائيلي من تل أبيب إلى مدينة القدس، وبهذا اعلان أن القدس اصبحت عاصمة دولة اسرائيل ..!

ومن هنا تحديداً اتضح لنا جواب القصيمي، لأنه بالفعل بعد هذه الحرب صارت اسرائيل كيان دولي فرض وجوده بالقوة على الدول المحيطة بها والمتحالفة ضدها، مما دفع المجتمع الدولي للاعتراف الرسمي بدولة اسرائيل وعاصمتها القدس!

ولهذا في عام ٢٠٠٢م قدّم ولي العهد السعودي انذاك الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، مبادرة سميت بمبادرة السلام والتي تبنتها القمة العربية في بيروت وسمتها المبادرة العربية للسلام.

وقد نصت هذه المبادرة على عودة اسرائيل إلى حدود ما قبل ١٩٦٧م وعليه يتم تطبيع العلاقات مع دولة اسرائيل ليكون السلام هو الخيار الاستراتيجي للدول العربية !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى