
لجبران خليل جبران مقولة مسددة يحسن أن أستهلّ بها مقالي هذا حيث يقول:
“وإن كان طاغية تودون خلعه عن عرشه، فانظروا أولًا إن كان عرشه القائم في نفوسكم قد تهدم”
هذا ما حصل مع طاغية الشام الأرعن الهارب إلى موسكو بعد أن خلف وراءه مليون ونصف قتيل و16مليون مشرد في أصقاع العالم، ودمر مُدن وقرى كاملة وأستعان بدول وأحزاب وميليشيات في سبيل ذلك؛ ليبقى على كرسيه حاكمًا ومن حوله جلاوزته “شبيحته” يسبحون بحمده ليل نهار.
ليس جديدًا ما سلف لكن الجديد أن يكون المثقفون والذين يفترض أن يكون صوتهم عالياً مناهضاً للظلم والشر غير آبهين بما سيأتيهم من العقاب في سبيل رفع الظلم وتحقيق العدالة والحرية والكرامة.
“ضع في يدي القيد ألهب أضلعي
بالسوط ضع عنقي على السكينِ
لن تستطيع حصار فكري ساعة
أو نزع إيماني ونور يقيني”
خرج قبل أيام الشاعر السوري علي أحمد سعيد أسبر الملقب نفسه “ادونيس” في مظاهرة في باريس مع طائفته “النصيرية” مندداً بما جرى في الساحل السوري والذي كان بفعل فلول نظامه السابق الساقط والذي أدى إلى مقتل العشرات من طائفته، ولم نره خرج منددًا بما جرى من قتل وتهجير للملايين من المكون السني خلال الأربعة عشر عاماً بل كانت له مقولة شهيرة وقت اندلاع الثورة السورية “لا أؤمن بثورة تخرج من المساجد” ولا أعلم هل مشكلته مع الثوار طالبي العدالة والمساواة والحرية أم مع بيوت الله.
فإن سلمنا جدلاً بأن هذا “الدنس” كما وصفه المفكر السعودي الراحل غازي القصيبي بليبراليته وعلمانيته التي هي ضد الأديان فما باله كان مؤيداً لثورة الخميني ومبشراً بها ومتوعداً السعودية والخليج العربي بالإنهاء من الوجود حيث قال:
أفقٌ ثورةٌ والطغاة شتات
كيف أروي لإيران حبّي
والذي في زفيري
والذي في شهيقي تعجز عنه قول الكلمات؟
سأغنّي لقمّ لكي تتحول في صبواتي
نار عصف، تطوّف حول الخليج
أدونيس عضو الحزب السوري القومي الاجتماعي؛ وهذا الحزب هو من صَنَّع شهرة أدونيس وربطه بأجهزة مختلفة! خرج اليوم
أدونيس، الذي تجاهل طوال 14 عامًا جرائم النظام بحق مليون سوري، خرج اليوم بوجهه الطائفي عندما مست الأحداث بيئته. أين كان قلمه عندما دُمرت المدن وامتلأت السجون؟ المثقف الحقيقي لا يبرر للجلاد ولا يميز بين الدماء، لكنه اختار موقعه منذ البداية، وسقط عنه القناع أخيرًا.!
خرج من وكره ليضع كل طائفيته أمام عيون الملايين دون خجل أو حياء.
لكل من أعجب يوماً به ممن غرر به ممن تأثر به وممن استضافه هنا في بلاد الحرمين نقول له هل سقطت كل الأقنعة التي كان يتوارى خلفها هذا أدونيس يتظاهر بالديمقراطية والتقدم، ويكتسي ثوب العلمانية المرقّع بينما هو اقصائي طائفي بامتياز، يكفي أن تعرف وتتأكد أن ثورة الأبطال في سوريا ثورة حق وشرف وقوفه في هذه المظاهرة التعيسة مدعياً الحق والشرف وهو بلا حق وبلا شرف سيكون له بعض الشرف لو أنه تراجع ولكن يأبى الله إلا أن يذل من عصاه.