الجميلون فقط هم من يستحقون الحب
بقلم/ أحمد عزير
“بدر شاكر السياب” من أشهر روّاد حركة الشعر الحر في العراق والعالم العربي بجانب البياتي ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل، ولد بقرية جيكور بمحافظة البصرة في أسرة فقيرة.
ذاق اليتم وهو في السادسة من العمر، وكان مريضًا بفقر الدم بسبب نقص التغذية وكذلك السل الذي أدّى بنحول جسده، انتقل بعد الثانوية إلى بغداد ليكمل دراسته الجامعية، امتهن النشاط السياسي الذي انتهى به إلى السجن وأفقده وظيفته، هاجر إلى ايران فالكويت الذي توفي بها .
آمن بالشيوعية نكرانًا لواقعه المرير، انقلب على قافية الشعر ورتابته بسبب ميوله للشعر الإنجليزي الذي يجيد لغته، أراد بجانب شعره الذي لا يجارى ولا يبارى أن يكون رومانسيًا ويعيش قصص الحب مثل: روميو وجولييت وقيس وليلى وجميل وبثينة لكنه لم يفلح بسبب دمامته وقبحه؛ حيث وصفه الكاتب الفلسطيني احسان عباس وصفًا دقيقًا حيث قال: “بدر شاكر السياب غلام ضاوٍ نحيل كأنه قصبة، رُكب رأسه المستدير، كأنه حبة الحنظل، على عنقٍ دقيقة تميل إلى الطول، وعلى جانبي الرأس أُذنان كبيرتان، وتحت الجبهة المستعرضة التي تنزل في تحدّب متدرّج أنف كبير يصرفك عن تأمله أو تأمل العينين الصغيرتين العاديتين على جانبيه فم واسع، تبرز الضبة العليا منه ومن فوقها الشفة بروزًا يجعل انطباق الشفتين فوق صفَّي الأسنان كأنه عمل اقتساري وتنظر مرة أخرى إلى هذا الوجه الحنطي، فتدرك أن هناك اضطرابًا في التناسب بين الفك السفلي الذي يقف عند الذقن كأنه بقيّة علامة استفهام مبتورة وبين الوجنتين الناتئتين وكأنهما بدايتان لعلامتي استفهام أُخرَيَيْن قد انزلقتا من موضعيهما الطبيعيَّيْن.
أراد أن يحب ويُحب؛ فما كان له ذلك حتى إنه مارس الحب مع بائعات الهوى والحب ولم يفلح بسبب دمامته ولم يجد في طريقه فتاة أحلامه، تلك الفتاة التي يسكب روحه في روحها، فتنتشله من أحلامه وأوهامه، وتُغرقه في عالمٍ من الحنان والرقة؛ لذا كتب يائسًا يعزف كلماته وهو يناجي الموت:
“لا تزيديه لوعة فهو يلقاك …. لينسى لديك بعض اكتئابه
قربي مقلتيك من قلبي الذاوي …. تري في الشحوب سر انتحابه
وانظري في غضونه صرخة اليأس …. وأشباح غابر من شبابه
لهفة تسرق الخطى بين جفنيه …. وحلم يموت في أهدابه”
وأخيرًا وجد ضالته عند شاعرة تدعى “لميعة عباس”؛ فقد كان معظم الشعراء مغرمين بها فكتب إليها ظنًا منه أن مكانته الشعرية قد تشفع له:
“أحبيني لأن جميع من أحببت قبلك ما أحبوني”.
لكنها بعد سنوات من وفاته خرجت بلقاء قالت إنها كانت تحبه لكن علاقتها معه كانت مجرد صداقة بريئة.
بالمقابل محمود درويش الذي لا يصل إلى مكانة السياب الشعرية .. لميعة هذه كتبت شعرًا غزليًا لمحمود درويش الذي في وقتها لم يكن يعرفها، ولم يرد عليها ولو حتى بكلمة شكر، قائلة له:
أَرِحْ يا حبيبي نظّارتيكَ قليلًا
لأُمعِنَ فيكَ النظرْ
فما لونُ عينيكَ؟
هل للغروب تميلانِ
أم لاخضرار الشجرْ
أحبهما تتعرّى النجومُ
بغير سحابٍ أريدُ القمرْ
ووالله من أجل عينيكَ محمود
أصبحتُ أعشقُ قصرَ البصرْ