روح التعلم
بقلم ــ مرزوق بن علي الزهراني
بما أن مركز الحركة في الدماغ يتحمل مسؤولية التفكير المتسلسل، فإن حركة الطالب وتنقلاته داخل القاعة ستسهم حتما في تنمية التعلم وتطوير مدخلاته. وتتمثل النتائج الأساسية التي تعتمد عليها العلاقة بين الحركة والإدراك المعرفي على مجموعة من المقومات والحقائق التي يمكن استعراضها في سياق النص التالي.
تصنف الحركة على انها عامل رئيس بالنسبة للوجود الفعلي للدماغ، إذ أن الفرد الذي يتحرك من موقع إلى آخر لا يحتاج إلا إلى الجزء الأمامي من شقي الدماغ الأيمن والأيسر فقط، حيث أن تلكما المنطقتين مخصصتان لتنظيم العمل البدني والعقلي على اعتبار أن وظائف الدماغ العليا قد نشأت بفعل الحركة واستمرت وستستمر وستدوم في القيام بوظائفها معتمدة عليها.
وتمثل الحركة مسألة بالغة الأهمية لكل وظيفة من الوظائف التي يقوم بها الدماغ، وتأتي في مقدمة تلك الوظائف؛ وظيفة التخطيط ومتطلبات تنفيذه، وكذلك وظائف التذكر والتعلم واللغة والإنفعال. ولا يمكننا هنا إغفال دور مهارة التقليد والمحاكاة التي تقوم وتستند على وظائف الحركة وتصنف على أنها إحدى الإستراتيجيات أو الأساليب أو الطرق التي تتسم بالقوة، كما أن الطلاب اعتادوا على استخدامها في اكتساب مجموعة كبيرة من مهارات المعرفة والعلوم.
ومن دون شك فإن الحركة تقوم بدور فاعل ومؤثر يسهم في دعم عملية التعلم المنسجمة مع الدماغ. كما أنها تضفي الكثير من المتعة على التعلم، وتضبط الحالة المزاجية والإنفعالية للمتعلم، بالإضافة إلى إسهامها في رفع معدلات النشاط لدى الطلاب. كما أنها تعمل على التخفيف من واقع الضغوط التي يتعرض لها الطلاب المتوترون.
إن التخطيط للحركة يؤدي إلى الرغبة في تطبيق المهارات والمفاهيم. وهو يقود إلى إيقاظ أجزاء أخرى من الدماغ كانت تغط في سبات عميق، كما أنه يساعد أيضا في تخزين قدر معقول من المعلومات في كل جزء من تلك الأجزاء.
وختاما؛ فإن تقييد حركة الطلاب داخل قاعة الدرس بشكل كلي، على اعتبار أن تلك الحركة تنم عن سوء سلوك من الطلاب تجاه المعلم، بالإضافة إلى أن فيها الكثير من مظاهر الإنفلات وعدم الإلتزام بقواعد السلوك التقليدية داخل قاعة الدراسة هو تقييد خاطئ .
لذلك ينبغي أن نقول لكل المعلمين الذين يبحثون بشكل دؤوب عن المفاتيح التي يمكن أن تساعدهم في فتح أبواب متنوعة في مختلف عقول طلابهم وأفئدتهم: عليكم بالحركة واستراتيجيات التعلم التي تقوم على الحركة واللعب التي لطالما أغفلتموها وتجاهلتموها من خلال أسوأ السيناريوهات بالنسبة للدماغ والتي بلا شك تسببت وبشكل مستمر في القيام بدورها السلبي، والذي يكمن في حرمان طلابنا من الكثير من فرص التعلم واكتساب المعرفة.