لماذا يهرب النّهارُ منّا؟
بقلم: أفنان جميل
كنتُ قد سُئلتُ يوماً عمَّ يُلهمُ الكاتب ويثير قريحة الكتابة لديه..،أجبتُ بإيجازٍ ولعلّي أُكملُ ما بقي بخاطري من إجابة..
أسئلة الأطفال دون السابعة دائماً ما تكون فتيلة المقالات والخواطر والنصوص المليئة بالتساؤلات المشبعةِ بالفضول البريء.
في إحدى الليالي الباردة من شتاء مارس
هرع إلي ابن أخي مكفهراً ومقطباً حاجبيه وبنبرةٍ حادّة لماذا يهرب النهار منّا ياعمة؟!
نظرتُ لوهلة إلى ملامحهُ مقيّدةً ضحكة التعجب من سؤاله ثم ابتسمتُ وشرعتُ بالإبحار معهُ في خياله، إلى ذلك العالم المليء بالارواح حيث لا شيء مجرّد،
الشمس تتحدثُّ والغيمةُ تبتسمُ وقطرات المطر تتراقص والكثير من الأصدقاء هناك..،
قلتُ له: حسناً لنرى ما الذي أغضب النهار منّا ليتحاشى لقائنا..! هل قمنا بأمرٍ خاطئ ياترى ليستاء منّا ويرحل سريعاً ويهرب ؟!
ثم أخبرني أولاً أيها الطفل الذكي
إلى أي رقمٍ تشير ساعتكُ المنقوشة بصورة رجل العنكبوت؟
قال لي :إنها تشير إلى الحادية عشر مساءً ياعمة..،
قلتُ لهُ :ولكنّك مازلت مستيقظاً وقد أضعتَ سريرك مجدداً.
ابتسم هنا وقال: ولكنّي مازلت أريد اللعب ولم أكتفِ منه..
أرأيت ياصغيري إنك تقضي الليل برمّتهِ في اللعب حتى يغيب القمر وتأتي الشمس َتنظر إليك من نافذتك فتجدك مستغرقاً في النوم منهكاً من اللعب في المساء، فكيف لاتهرب الشمس مستاءةً من ذلك الطفل الذي نسي أن الله خلق الليل للنوم والنهار للعمل واللعب وقضاء أجمل الأوقات..
لينهي حوارنا بقوله :صحيحٌ ياعمة علمت الآن لما النهار يهرب منّا سريعاً؛ لأني أضيع وقته في النوم فلا أجد رفيقاً سوى القمر؛ ولذلك لايفارقني ألم الرأس..
مسحتُ على رأسه بلطف لأخبرهُ أنه حان الآن ميعاد عقدَ صلحٍ مع الشمس حتى لا تركض مسرعةً إلى حيث البلدان الأخرى المكتظّة بالأشخاص النشيطين..،
سنتعاهد أنا وأنت ياصديقي أن نتسابق مع العصفورة في استيقاظ البكور ونحلّق معاً في فضاءات السعادة لأننا سندرك اليوم كله، بركة الفجر ونشاط الصباح والاجتماع على طاولة الغداء بحضور العائلة ثم مرح وقت العصر ونحظى بقصة المساء ونخلدُ إلى النوم وفي جعبتنا الكثيرُ من التفاصيل المذهلة التي جعلتنا ننام ونحن مبتسمين..