نظرة أدبية
بقلم ــ فرحان حسن الشمري
إستيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة، فوجد نفسه قد تحول في فراشِه أي إلي حشرة هائلة الحجم .
جريجور ذاك العامل البسيط، البائس بوظيفته التي تجبره علي الاستيقاظ مبكراً ليلحق بقطاراته كي يجوب المدن بائعاً متجولاً والذي بالكاد يحقق له دخلاً يستطيع به أن يعول أسرته. تمنَّى جريجور أن يكون هذا مجرد حلماً مزعجاً سرعان ما يستيقظ منه، لكنه أيقن بتوالي الأحداث استحالة أمنياته.
و تتواصل القصة عن عجزه عن المواءمة مع هذا التحول بل تتعداه إلي موقف الأسرة السلبي منه فيما عدا أخته التي كانت تساعده في محنته الغريبة ولكنها بدأت تبتعد عنه مع مرور الوقت فبعد أن كانت تدفعه للاختفاء بعيداً عن الأعين تبلورت لديها مشاعر باردة وغير إنسانية، برغبتها هي مع أسرته في التخلص منه، حتى ولو كان الثمن هو الموت وهذا ما حدث فعلاً في نهاية الرواية.
كانت تلك مقتطفات مختصرة ( بتصرف) من رواية “المسخ “هي رواية قصيرة ال روائي التشيكي فرانس كافكا (1883-1924) نُشرت هذه الرواية لأول مرة عام 1915. وهي من أشهر أعمال القرن العشرين بإلإضافة لرواية ” المحاكمة” وأكثرها تأثيرًا، حيث تتم دراستها في العديد من الجامعات والكليات الأدبية في حول العالم .
وأسلوب كافكا بعتمد على الإبهام والغموض ليدع للقارئ مساحة واسعة من التأويل وتعدد الفهم و تنوع التفاعل، وإختلاف التحليل.
و في روايته ” المحاكمة” يستيقظ «جوزيف ك» بطل الرواية على صوت أشخاص غرباء ذوي سحنات قاسية يطلبون منه الذهاب معهم، ليواجه محاكمة على تهمة لا يعرفها، تهمة غير محددة، وغامضة.
ويحاول «جوزيف ك» أن يفهم سبب اعتقاله لكنهم لا يوضحون له السبب، ويحاول أن يثبت براءته، ولكنه لا يعرف كيف يدافع عن نفسه لأنه لا يعرف تهمته أصلاً ويقف بطل الرواية «جوزيف ك» أمام قضاة يعرف سلفًا أنهم لا يستمعون إليه،
وهنا ينقل كافكا للقارئ شعور جوريف بأن هذا العالم تتحكم فيه قوى شرسة، تصيغ قوانينه لصالحها.
وقد أصبح مصطلح “الكافكاوية ” في الأدب رمزاً إلى الكتابة الحداثية الممتلئة بالسوداوية والعبثية و أصبح فرانس كافكا رائدًا للكتابة الغرائبية في العالم التي تشكل الحياة المليئة بالغرابة والقلق والتردد والخوف.
وكان كافكا أوصى صديقه الحميم ماكس برود أن يحرق جميع كتبه و لكنه خالف وصية كافكا وقام بنشر كتبه التي تركت تأثيرها حيث أصبحت بعد موته واحدة من أبرز إبداعات الأدب العالمي الحديث في القرن العشرين.
هناك العديد ممن يعيش هذه “الكافكاوية” و ما فيها كما ذكرنا من أن العالم تتحكم فيه قوى شرسة، تصيغ قوانينه لصالحها. و أن الحياة مليئة بالغرابة والقلق والتردد والخوف.
ونقول قد تحدث أو حدثت في حياتنا أمور قد قادت أو ساندت بعض مفاهيم “الكافكاوية” و لكن من جانب آخر هناك أمور عاكستها و أتت لنا بقناعات أخرى لنقل سعيدة و كمحصلة هي الحياة
يقول إبن الرومي :
قلت لخلٍّ خلا تعجُّبُهُ
إلا من الدهر إن خلا عَجَبُهْ
فالدهر لا تنقضي عجائبه
أو ينقضي من أهله أربه
فرحان حسن الشمري
للتواصل مع الكاتب:
e-mail: fhshasn@gmail.com
Twitter: @farhan_939