تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل
بقلم ـ مرزوق بن علي الزهراني
يعكس الواقع الحالي في معظم المجتمعات العربية مدى الاعتماد المفرط على إنجازات الماضي لعدم وضوح المستقبل وفرارًا من تحديات الحاضر. وعليه، فإن هذا التدهور يفرض على الشعوب التضحية بالمصلحة العامة أو الشخصية، وذلك كحال الهارب من الرمضاء إلى النار. وتتلخص أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية في أن كثيرًا من أفراد تلك المجتمعات يواجهون انخفاضًا في مستويات الدخل السنوي مع عدم توفر بدائل ملائمة، بجانب نقص فرص العمل في بعض البلدان العربية.
ومن هنا تبرز الحاجة الملحة لتحقيق بيئات عمل محفزة، تركز على التحول من الاعتماد المفرط على الماضي إلى صياغة الحاضر وتوفير متطلباته وتحرير قيوده، بالإضافة إلى وضع خطط للمستقبل لكسر جموده وتجاوز تحدياته. وذلك لتحقيق مستويات متقدمة من رفاهية المواطنين وتلبية احتياجاتهم وتحقيق طموحاتهم؛ إلا أن المشكلة التي قد تعيق كل ذلك تكمن في ضعف قدرات أصحاب السلطة في معظم المجتمعات العربية على مسايرة التغيرات المتسارعة. وبالتالي، تفشل الخطط التنموية الواعدة التي قد تحمل في طياتها الكثير من الحلول لمختلف المشكلات المجتمعية.
إن جميع المجتمعات العربية بحاجة ماسة إلى تصور مجتمع محلي يتسم بالقيم العالمية، يكون فيه تقبل واحتضان لجميع الأجناس والأطياف والأعراق دون أي تمييز أو تهميش. مجتمع تزداد فيه أواصر المحبة والتعاضد والتسامح، يشعر فيه الجميع بشمولية العدالة، ويرفض فيه أي نوع من أنواع الظلم أو القمع.
إن أبناء تلك الشعوب يسعون إلى العيش في مجتمع يكون مثلاً يحتذى به في مكافحة الفجور ومحاربة سبل الزيغ والنفاق والزندقة وقمع الاستبداد. مجتمع تلوح في سمائه المحبة وتنتشر على أرضه أشعة السعادة وأضواء الرضا. لذلك، هم يرغبون في قائد واعٍ يدرك مسؤوليته الدينية والاجتماعية، حيث يعد عمودًا أساسيًا في بناء المجتمع وتقدمه. إن صاحب السلطة الحقيقي يحارب الكذب ويدين أصحابه. كما يعمل على محاربة السرقة التي تعد قتلًا للأمانة وتهديدًا للأمن والاستقرار. إذن، فهم يرغبون في صاحب سلطة يعاقب اللصوص دون رحمة، ويحارب الغش الذي يهدد الثقة ويدني الفضيلة دون هوادة. يريدون صاحب سلطة يكافح التعصب والعنصرية والتحيز، – وذلك لاعتبارها شكلا من أشكال تهديد الحرية وتعارض للتنوع والاختلاف-.
يرغبون في صاحب سلطة يحاسب سوء الظن، الذي يقتل اليقين ويسلب الأمل، ويعارض الفساد الذي ينتهك الشرف ويُعرِّض حقوق الجميع للخطر. يريدون صاحب سلطة يناهض الظلم والتجبر والاستبداد لأن ذلك قتلا للحق والكرامة والعدالة. يريدون صاحب السلطة يمنع تبرج المرأة واستغلالها، لأن إغراقها في التعري يؤدي إلى انهيار الحياء وفقدان العفة في المجتمعات.
وبالنظر إلى الجهود المبذولة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية في مكافحة الفساد بغية تحقيق مستويات عالية من العدالة، والتصدي للتجبر والاستبداد، ومحاربة كافة اشكال التعصب والعنصرية. تلك الجهود التي اسهمت في القضاء على الكثير من الممارسات السلبية كما عززت من مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين على أرض بلاد الحرمين. إذ أنه بفضل الله تعالى، ثم بفضل جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز” وولي عهده الأمير” محمد بن سلمان” حفظهما الله تعالى، شهد المجتمع السعودي نقلة كبرى خلال الفترة القليلة الماضية في شتى مناحي الحياة، كما أنه لا زال يشهد فترة نموًا وتقدمًا متسارعا على أراضي الخير والنماء بتلك البلاد المباركة لم يسبق له مثيل في أي بلد عربي اخر قط.
لذلك فالآمال والتطلعات معقودة على أن يكون هناك محاكاة عاجلة من قبل حكومات الدول العربية بشكل عام لذلك العمل السعودي المنظم، والذي تحقق من خلاله الكثير من الإنجازات والإصلاحات الإيجابية، والتي بلا شكك ولا ريب أسهمت وستسهم ايضا في مواصلة عمليات التطور والرخاء لكافة سكان المملكة العربية السعودية في هذا الحين وكل حين.