الشخص المهايطي: تحليل شخصيته وتأثيراته في المجتمع
الهياط ظاهرة اجتماعية اشتعل فتيل انتشار مرضها بين أفراد المجتمع بشكل سريع ومؤسف في الآونة الأخيرة. ويمكن تعريف سلوك الهياط على أنه استعراض للقوة أو الثراء أو الذكاء أو الجاه أو المنصب أو العِرق أو أي نوع آخر من أنواع السلطة، التي يستخدمها الفرد بطريقة خاطئة، يتجاوز بها حدود الأدب والاعتدال والاحترام المتبادل بين مختلف فئات المجتمع وتركيبته السكانية.
ومن الأمثلة على ظاهرة الهياط، قصة ذلك الرجل الذي أقام حفل زفاف لابنه، دعا إليه العديد من الضيوف لمشاركته الاحتفال بتلك المناسبة السعيدة. ولكن فجأة، أشعل النار في سيارته الخاصة بشكل متعمد، مدعيًا أنه فعل ذلك لأنه شعر ببرودة الأجواء وخشي أن يتعرض ضيوفه للبرد فضحى بالسيارة حماية لهم وبرًا بهم.
.
ومن أمثلة الهياط الأخرى، قصة رجل قرر أن يفاجئ أحد ضيوفه بوليمة لم يسبقه إليها أحد من العالمين في عالم الهياط، حين قام بنحر٣٧ قعوداً و٤٠٠ خروف، ثم قام بطهي ٤٠٠٠دجاجة، و٧٠٠٠ سمكة. بينما عدد ضيوفه قد لا يتجاوز الألف شخص، ومن المؤكد أن هذا الرجل لا ينافس إلا ذاته في عالم الهياط المفتوح، ولسان حاله يقول:” إما كذا وإلا فلا”.
ومن أسباب ظاهرة الهياط، قلة التربية والوعي لدى بعض الأفراد، مما يجعل الشعور بالتفوق أو الخوف من الفشل عاملاً يقود إلى اشتعال سلوكيات الهياط داخل الفرد، مما يدفعه إلى الترويج لنفسه بشكل دائم، ليظهر وكأنه ذلك الرجل الخارق الذي يمتلك القدرة على تحقيق المستحيل.
ولحل مشكلة ظاهرة الهياط، فقد يتطلب الأمر تغيير بعض الأسس الثقافية الدخيلة، ومعايير التفكير الاجتماعية السائدة، التي تعمل على تعزيز سلوكيات الهياط، على مختلف صورها وأشكالها. كما يجب تعزيز قيم الاحترام المتبادل والتعاون والتسامح بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى تشجيع الأفراد الراغبين في بناء أمجادهم الشخصية وكياناتهم الاجتماعية، على تقبل الذات وتنمية مهاراتهم وقدراتهم المختلفة إلى أقصى حد ممكن
علاوة على ذلك، فإن الواجب علـى المؤسسات التعليمية، والتربوية، والمهنية، وكذلك الأسر، القيام بدور مهم ومحوري في غرس القيم الحقيقية والأخلاق السليمة، في الأفراد منذ الصغر، بحيث يتم التركيز على تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال منذ سن مبكرة
ومهما يكن من أمر، فإن الانغماس الزائد في الذات البشرية، والتفاخر المفرط في عدة جوانب اجتماعية، قد تؤثر بشكل سلبي على مختلف العلاقات الشخصية بين أفراد المجتمع الواحد، مما يجعلنا نسلم تسليمًا مبنيا على أسس قوية وذات عمق ضارب في قاع الخبرة والمعرفة، بأن القضاء على هذه الظاهرة المقيتة لن يتم سوى بتدخل الجهات ذات الاختصاص، والضرب بيد من حديد على كل من يمارس هذه السلوكيات الدخيلة على المجتمع السعودي أو يروج لها.
بقلم:
مرزوق بن علي الزهراني
أبو إبراهيم