صناعة الإنسان و دور المعلم في ذلك في ضوء رؤية ٢٠٣٠:
عندما نسمع مصطلح (صناعة) يتبادر إلى أذهاننا تلك الآلات و قطع الحديد معقدة الصنع و قد يطرأ لنا أيضاً تلك المصانع الضخمة التي ذات المشاعل التي لا تنطفىء
و أبدع في تشييدها الإنسان .
و بالعودة إلى معجم المعاني فإن معنى كلمة صناعة هو كل علم أو فن مارسه الإنسان حتى مهر فيه و أبدع.
إذاً هل يمكن لنا أن نصنع إنساناً؟ أن نبدع في تربية الإنسان حتى تتشكل لنا تحفة فنية نتباهى بها و نبتغي بها أجراً عند الله؟
أجيب على هذه الأسئلة بنعم مستشهداً في ذلك بقول الله تعالى على عن نبيه موسى عليه السلام: ( و أَلْقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَ لِتُصْنَعْ عَلَى عَينِي) سورة طه آية٣٩
و قد جاء هنا لفظ تصنع على عيني بمعنى: تولى توجيهه في جميع أطوار حياته.
و مما لا شك في أن مصطلح صناعة الإنسان ليس بالجديد بل حظي باهتمام وفير و له عدة تعريفات منها:
إن صناعة الإنسان تعني صناعة قلبه و نفسه و روحه صناعة محكمة متكاملة و هي التزكية العلمية للنفس.
إذاً يمكننا أن ننشىء قاعدة مفادها: بقدر ما تتفانى المجتمعات في صناعة إنسان متكامل سوي في جميع مناحي الحياة بقدر ما ستنعم به من شعب واعٍ و حاضر زاهر و مستقبل واعد.
و لكن لنضع في الحسبان أن منهج صناعة الإنسان يسلك طريقين:
1. الأفكار و المعتقدات و القناعات.
2. المهارات و العادات و السلوك.
و لن نستطيع من تقويم الأولى و لا غرس الثانية دون جهود المعلم ذلك الجندي الذي يقف خلف كل منجزات و صروح هذا الوطن و أستشهد بهذه الأبيات:
إن المعلم للشعوب حياتها
و دليلها و عطاؤها المتفاني
فإذا سألت عن الشعوب فلا تسل
عن غير هاديها فذاك الباني
يقضي أبناؤنا ما يقارب ثماني ساعات مع ذلك المعلم الذي يتأثرون به شكلاً و مضموناً فلا يخفى على أحدنا مدى الأثر الذي يتركه على نفوس طلابنا.
و أكاد أجزم أننا الآن كمعلمين نقف على هذا الصرح و في أذهاننا على الأقل معلم واحد لم تطفىء نوره الوهاج تلك السنون التي قد انقضت.
إن دور المعلم في صناعة الإنسان واضح كنور الشمس التي أطلت بشعاعها فكست الأرض جمالاً و بهاءً.
إن المعلم من أهم مصادر صناعة الإنسان بل هو حجر الزاوية في هذا المجال ، فإن لم يساهم بتعليم منهجه الدراسي ساهم بكونه قدوة يحتذى بها لطلّابه.
ذكرت سابقاً أن من أهم الطرق التي نسلكها في صناعة الإنسان هي المهارات و العادات و السلوك و هذا يؤكد لنا أهمية دور المعلم الذي يغرس هذه المهارات و يقوّم العادات و السلوك في سبيل ما يصنع لنا إنساناً سوياً و لا بد لي أن أذكر هنا أن جزءاً كبيراً من صناعة الإنسان هو تربوي بحت منشأه بين أروقة المدارس تحت أنظار المعلمين.
و نظراً لأهمية المعلم و دوره البارز في نشأة الجيل و كونه حجر الأساس لهذا المجتمع و له الفضل بعد الله في بناء جيل متعلم يتحمل المسؤولية و يقوم باتخاذ القرارات مستقبلاً فقد أولت له رؤية ٢٠٣٠ إهتماماً بالغاً كونه أحد محكات هذه الرؤية و يظهر لنا ذلك من خلال:
1. الاهتمام به و تطوير قدراته.
2. العمل على تأهيله بأفضل الطرق و السبل.
3. تطوير المعايير الوظيفية الخاصة بكل مسار تعليمي.
4. تعزيز دور المعلم و رفع تأهيله.
5. تفعيل دور المعلم الرقمي.
خلاصة القول أن رؤية ٢٠٣٠ تهدف إلى صناعة الإنسان و العقول حيث لا نهضة للأوطان بلا نهضة لعقل الإنسان.
و من هذا المنطلق نقول إن جودة المجتمع و جودة المعلم و التعليم مترابطين ارتباطاً وثيقاً و هذا ما تسعى له رؤية و طننا لذلك و ضعت المعلم على سلم أولوياتها حيث أنهم ابطال هذه الرؤية.
و لعلّ خير دليل على ذلك ما حدث أثناء جائحة كورونا فقد اجتهدت حكومتنا الرشيدة في خلق السبل الآمنة لمواصلة تعليم أبنائها و تذليل العقبات أمامهم و لم تجعل مسيرتهم العلمية ضحية لهذه الجائحة.
لذلك أنشأت قناة عين و منصة مدرستي التي بفضلها أصبح في كل منزل يصدح صوت المعلم و هذا يؤكد لنا أنه لا غنى عن مربي الأجيال و مهما بلغت الظروف مبلغها يبقى التعليم لدينا أولوية لدى قادتنا.
اختم قولي بمقولة الملك فهد رحمه الله حيث قال:
إن صناعة الإنسان هي الأساس فالمال يذهب و الرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال.
بقلم الأستاذ: ناصر بن ظافر بن ملفي القحطاني
معلم و موجه طلابي بمدرسة ابن هشام
إدارة تعليم ظهران الجنوب