مقالات وكتاب

برايل تحدي طفولة

كان طفل عمره ثلاث سنوات يلعب بحوار محل والده في إحدى المدن الصغيرة في الشرق الفرنسي وبينما هو يلعب جرح أحد الأشخاص إحدى عيني الطفل الصغير عن طريق الخطأ وحاول والده فعل ما يستطيع لإنقاذ عين وبصر الصغير ولكنه لم ينجح في ذلك .

ومما زاد الأمر سوءاً أنه بعد عامين خسر الطفل أيضاً عينه الثانية بعد إصابته بما يسمى بالرمد التعاطفي (نوع من الالتهابات يحدث بعد إصابة إحدى العينين بكدمة قوية).

كان هذا الطفل هو لويس برايل (1809 -1852) من أشهر الأشخاص الذين خدموا البشرية بإختراعاتهم حيث كان إختراعه “طريقة برايل” وهي الطريقة المتبعة إلى الآن في تعليم المكفوفون و ضعاف البصر القراءة والكتابة.

تمتع برايل الطفل الكفيف بذكاء شديد مما دفع والداه لإرساله إلى المعهد الوطني للشباب المكفوفين في باريس حيث اخترع و توصل إلى طريقة برايل وهو في سن الـ 15 وقدمها لأول مرة في المعهد عام 1824.

حيث أنه في عام 1821 زار ضابط في الجيش الفرنسي اسمه شارل باربيار المعهد و أبلغ خلالها لويس برايل بأنه ابتكر طريقة مشفرة للكتابة يستخدمها الجنود للتخاطب في الأمور السرية بدون الحاجة للكلام.

من خلال عمل بروز على ورق مقوى تكون على شكل نقاط أقصاها اثنتي عشرة نقطة لكل منها دلالة لغوية معينة.

واجه برايل صعوبة في البداية في فهم تلك الكتابة و لكن عمل على تعديلها و من ثم عمل نظام آخر جديد حيث خفض العدد الأقصى للنقاط من 12 إلى 6 .

ثم قام بتوسيع نظام كتابته ليشمل رموز الرياضيات والموسيقى والذي لم يكن في طريقة السيد باربيار و نُشر أول كتاب بنظام كتابة برايل في عام 1829.

لغة برايل هي عرض للرموز الأبجدية والرقمية باستخدام ست نقاط يمكن تحسسها باللمس لتمثيل كل حرف وعدد بما في ذلك رموز الموسيقى و الرياضيات والعلوم.

ويستخدم المكفوفون وضعاف البصر “لغة برايل” لقراءة الكتب والنشرات الدورية بما يساعد و يمنح المكفوفين فرصة لإظهار الكفاءة و المعرفة والاستقلال .

و يحتفل العالم في الرابع من يناير (يوم ميلاد برايل) من كل عام ب “اليوم العالمي للغة برايل ” بوصفها وسيلة التواصل الرئيسية للمكفوفين وضعاف البصر مع العالم .

فكان ذاك من تحديات الطفولة التي نجحت في خدمة فئة غالية علينا من ذوي الهمم في مجتمعنا وحول العالم.
 
فرحان حسن الشمري
للتواصل مع الكاتب:
‏e-mail: fhshasn@gmail.com
‏Twitter: @farhan_939

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى