عام

الأبعاد الإقليمية لزيارة ولي العهد السعودي للكويت

شهدت المملكة العربية السعودية تحولات كبيرة و تغييرات مهمة في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، بفضل إبداعه للرؤية الاستراتيجية 2030 ، والتي من خلالها ستشهد المملكة تحولا تاريخيا سيجعل منها قوة صاعدة على المستوى الاقتصادي و الجيوسياسي، بفضل القرارات الشجاعة و الجريئة التي اتخذها ولي العهد محمد بن سلمان لمواجهة التحديات والتحولات التي تمر بها المنطقة والعالم ضمن رؤية ملكية لهندسة البيت الداخلي، وهندسة العلاقات والتحالفات الإقليمية والدولية.
هذه المبادرات الشجاعة لولي العهد ساهمت في تعزيز وتقوية القرار السياسي و الاقتصادي السعودي و استعادة الدور الاستراتيجي للمملكة على الصعيد الدولي والإقليمي . كما سعت السعودية ومازالت تسعى إلى تقوية و تماسك ووحدة الصف الخليجي ضد التحديات الاقليمية و الدولية ، و على الخصوص ، خطر التوسع الإيراني بالشرق الأوسط و مكافحة الإرهاب وتمويله و السياسة الاقتصادية الخليجية في مجال إنتاج النفط.
وفي هذا الإطار تأتي الزيارة الأخيرة لولي العهد محمد بن سلمان لدولة الكويت ، لتثبيت و تدعيم الرؤية الاستراتيجية 2030 ذات الأبعاد و الأهداف المتعددة، و لترسيخ العلاقة المتميزة والخاصة بين السعودية و الكويت ، توطيدًا لوشائج العلاقات الضاربة فى عمق التاريخ بين البلدين .
كما أن هذه الزيارة أتت في ظروف تمر فيها منطقة الخليج بمنعطف حساس يتطلب توحيد الرؤى بين دول الخليج والتقارب بشكل أكبر لمواجهة التحديات التي على رأسها المحاولات الإيرانية المتواصلة لاختراق الصف الخليجي وتقسيمه، وزعزعة استقرار دول المنطقة ، وأيضا أتت الزيارة في وقت تواصلت فيه ارتفاعات أسعار النفط ، مما قد يمكن من زيادة توافق السياسة النفطية للبلدين من أجل تحقيق الاستقرار في الأسواق النفطية.
ثم لا ننسى أن السعودية هي أقرب دولة خليجية للكويت، تفاعلت علاقتهما مع مختلف الأحداث التي وقعت في المنطقة ، عززتها هذه الزيارة التاريخية ، وهو ما سيساهم في تعميق مسار العلاقات بين البلدين إلى آفاق أكثر رحابة وشمولية امتدادًا للتقارب الذي شهدته في السابق على مدار السنين . كما هذه الزيارة من شأنها أن تساهم في زيادة التنسيق بين البلدين على مستوى مجلس التنسيق السعودى-الكويتى .
وجدير بالإشارة الى أن الكويت تعد حليفا استراتيجيا للمملكة السعودية ، بالإضافة إلى دولة الامارات العربية المتحدة ، و أن العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، ذات المصير المشترك ، تمتد لأكثر من مئة عام.
فبالإضافة إلى العلاقات الكويتية – السعودية التي تطورت في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية، نذكر الموقف الأخوي السعودي المساند للكويت والمدافع عن شرعيتها واستقلالها أثناء الغزو العراقي لها عام 1990 ، حيث رفضت المملكة هذا الاحتلال وساهمت بشكل فعلي في تحرير الكويت من هذا الاحتلال الغاشم .
لا شك أن الجميع يتطلع إلى هذه الزيارة، التي ستتوج النموذج المتميز للتعاون والتنسيق بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ، في مواجهة التحديات الراهنة و المستقبلية في المنطقة ، لأن هناك مصير مشترك بين البلدين يقتضي تجاوز نقط الخلاف و التركيز على مستقبل التعاون المشترك و توحيد الرؤى و الصف الخليجي ، لأن ايران تسعى لزعزعة الوحدة الخليجية و تقسيم مناطق بالخليج ونشر التشيع ببلدانها و أيضا زعزعة الاقتصاد الخليجي كي ينهار.
ناهيك عن الدور الأمريكي الجديد في المنطقة المبني على الواقعية السياسية ، إذ يتوقع المراقبون أن ينعكس على الوضع الإقليمي من الناحية الجيوسياسية و الاقتصادية، و هو ما يتطلب سياسة عقلانية لبناء علاقات خارجية جديدة خليج – خليج و خليج – غرب .
وفي اعتقادي أن ولي العهد محمد بن سلمان يمكن له أن يقود هذه السياسية الجديدة .

الدكتور خالد الشرقاوي السموني
مدير مركز الرباط للدراسات السياسية و الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى