إلى متى أزمة القبول في الجامعات؟
تجلت هذه الأزمة في اشتعال وسائط التواصل بالتذمر، وفي طوابير المتقدمين على عمادات القبول والتسجيل في معظم الجامعات، وعلى طلب الشفاعات التي انهالت على كل من يعمل في جامعة؛ وكأن بين يديه عصا موسى.
قال لي أحد طلابي إن أخته بعد أن رابطت فجرا حصلت على الرقم أربعة آلاف ونيف، وتصاعد رقم المتقدمات إلى أن تجاوز تسعة آلاف.
واتصل آخر وآخرون للبحث عن حل، وبعد التقصي والسؤال تبين أن الأبواب مغلقة إلا باب مدير الجامعة فيمكن أن يفعل شيئا ويتجاوز العدد المقرر لكليات جامعته وأقسامها المختلفة بزيادات قليلة؛ محاولة لتحقيق رغبة القدر الممكن من أعداد المتقدمين.
وبسبب التقديم الإلكتروني الموحد الذي يوزع على كل جامعة العدد الذي تستوعبه بتقنين قريب من الدقة والمثالية كبرت أزمة عدم القبول.
ليس من المقبول ألا يجد أبناؤنا مقاعد لهم في الجامعات على اختلاف تخصصاتها وتنوع علومها؛ حكومية كانت أو أهلية؛ لأن بقاء الشبان والشابات بدون دراسة ولا عمل معضلة ووبال على الأسرة والمجتمع قد يتوالد منها مشكلات ومعضلات أكثر خطورة (الفراغ والشباب والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة) كما قال الحكيم القديم، لكنه هنا ليس بالضرورة أن يكون ذا جدة أي مال، فيجتمع الفراغ والشباب والفقر، وليس الغنى، ومشاكل الغنى أقل بكثير من مشاكل الفقر.
لا بد من حلول، والنظر في النسب المطلوبة للمتعلمين جامعيا في كل تخصص.
التعليم بنظامه القديم الذي يشجع على الحصول على شهادة جامعية أيا كانت دون النظر إلى نوع العلم الذي تخصص فيه الطالب وحاجة المجتمع إليه رؤية لا محل لها اليوم، فمن الخير أن نجمع بين الحصول على الشهادة الجامعية وما بعدها أيضا من شهادات عليا والتخصص الذي يطلبه سوق العمل وتتوافر له فرص وظيفية، ليس من المقبول أن تخرج جامعاتنا عشرات الآلاف كل سنة في تخصصات نظرية لا حاجة للمجتمع إلا للقليل منها، بينما لا زلنا نستقدم أطباء ومهندسين وممرضين وممرضات ومتخصصين في علوم تطبيقية عدة.
أدون هذه النقاط:
– تقليص القبول في التخصصات النظرية إلى الحد الذي يغطي الحاجة إليها.
– التوسع في إنشاء الجامعات العلمية التطبيقية والعلوم المساعدة، وزيادة الأقسام المتفرعة عنها.
– زيادة نسبة البعثات في هذه العلوم، وتشجيع المتميزين من المبتعثين على مواصلة دراساتهم العليا؛ ليعودوا أساتذة في جامعاتهم.
– تصميم وبناء القاعات الدراسية على شكل مدرجات تستوعب كل قاعة مئات الطلاب، والغريب أن جامعات قديمة وجديدة صممت قاعاتها على شكل فصول دراسية؛ وكأنها مراحل متوسطة أو ثانوية!
– إعادة النظر في سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس بالتعليم الجامعي، لتحفيز من يلتحق بالقطاع الأكاديمي.
– حين نغلق أبوابا من التعليم فلابد من فتح أبواب واسعة أخرى بديلة وإلا تخلقت أزمات ولاحقتنا الحاجة إلى المتخصصين.
– البطالة من الدراسة والعمل أكبر دافع لليأس والإحباط وتوالد الأفكار السلبية.