عام

معادلة الفساد الكامن

معادلة متماهية حين يصنع الفرد المجتمع، ومجتمعه يصنعه، فأي مجتمع يقوم على أصالة عقيدته، وثبات فهمه، وسلامة جذوره، وطبيعة ثقافته التي ينبثق منها، كما أن المرجعية والنزعات التي يحتكم إليها في اختلافاته لها دور في تحديد ملامح ذاك المجتمع واتجاهاته صلاحا أو فسادا.

هنا قد تبدأ فلسفة الفساد الصغير الذي تنطلق ألوانه، ومعطياته، وملابساته من الفرد البسيط نفسه قبل أن يصل للفرد المعقد أو منظومة ما. أليس بيننا على المستوى الفردي من هو مستعد لأن يقف على أكتاف الآخر ليكسب حتى لو كسر أكتاف ذاك الآخر؟ أليس الفرد بيننا يتحدث عن الأنا المتضخمة داخله ومصالحه وكيف يمكن أن يحصل على كل فرصة يستحقها أو لا يستحقها؟

أحيانا قد يكون الفرد في ذاته غير عقلاني، وسلوكه ينطوي على جوانب غير عقلانية، فيتبع هواه بلا وعي، فيقع خلف ظنونه في حفر فساد بما يشبه الكسب والربح.

والفاسد الصغير يأتي بالفاسد الكبير، والمفسدون الكبار لديهم أدوات وأيدٍ من الفاسدين الصغار، وللمفسد الصغير مبررات واهية، ومسوغات عجيبة جعلت المفسد الكبير يبتكر قوانين تضعه في خانة الحماية.

أليس على مستوى الفرد البسيط تحدث ممارسات غير مقبولة كالمحاباة الجائرة، وأشياء من الاحتيال والكذب، والشفاعة السيئة، والواسطة المضرة، والظلم، والتجني، والميل، والعصبية، والقفز على النظام، أو محاولة اختراقه؟

أليس كل ذلك يدخل في عباءة الفساد الذي يفسد الآخر هناك؟ ألسنا نتعامل مع الآخر من خلال ثقافة نفسي نفسي فقط ولا يهمني أحد؟ أليس بيننا أفراد يقصون الآخرين عن مستحقات لهم بسبب أن لديهم قوى ونفوذا، ومعارف تعينهم على ذلك؟.

الإحساس الفطري لدى كثير من النفوس الغافلة يجعلها تسعى لتنجو بمصلحتها الخاصة حتى لو أقصت الآخر. لذلك، لا بد لأي مجتمع أن يكون جاهزا ليحتكم إلى منظومة حازمة حاسمة محمية بقوانين صارمة تخنق كل الفساد (سواء الصغير أو الكبير) وتمنع تشكله عبر الوقوع في جب الأهواء والمكتسبات الشخصية.

ختام القول: كما أن حقيقة الصلاح والإصلاح لا بد أن تبدأ بالفرد ليصلح المجتمع، فالفرد بمثابة القلب الذي إن صلح صلح سائر الجسد الذي هو بمثابة المجتمع، لذا لا بد ان يكون لدينا وازع ديني، ومنسوب من الوعي في مسألة الفساد وأين يكمن؟ ومن أين يبدأ؟ وماذا يجب أن نصلح؟ وتبقى المعادلة منع وسحق الفساد الصغير لمنع الفساد الكبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى