الدوج الحمر غرز !
في ثقافتنا المحلية يوجد عبارات ومقولات جميلة نجد فيها الحكمة أحياناً والطرفة أحياناً أخرى، خصوصاً المقولات التي كان يرددها البعض من أجدادنا وآبائنا الذين عاشوا إبان المرحلة الانتقالية بالمملكة وهي مرحلة الانتقال من حياة البادية إلى الحياة المدنية.
وهناك مقولة طريفة كان يرددها ويكتبها الكاتب محمد السحيمي في بعض مقالاته الصحفية ولقاءاتها التلفزيونية، وهي مقولة: “دوجً حمر والرفارف سود” وكان السحيمي ينسب هذه المقولة لصاحبة السيارة الحمراء وهي جدته حمدة! والتي ذكر لنا في أكثر من مقال بعضاً من صفاتها الرائعة، مثل تمتعها بالذكاء والحنكة والحكمة وعدم التسرع بالمواقف الحرجة واتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب.
ففي مقال سابق للسحيمي أخبرنا فيه عن قصة جميلة تثبت مدى ذكاء ودهاء الجدة حمدة، وهي قصة تحكي أن الجدة حمدة شربت من ماء رديتر سيارتها الحمراء وذلك عندما انقطعت بها السبل ولم يكن أمامها ألا هذا الحل بدل أن تموت عطشاً بالصحراء.
ليت أستاذنا محمد السحيمي ورث عن الجدة حمدة بعضاً من صفاتها الرائعة وبالأخص الحكمة والحنكة والتريث ومواكبة العصر تدريجياً وتصاعدياً على السلم الزمني للثقافة والوعي، وهذا أمر صحي حتى لا تتكون نواة للصحوة من جديد بحجة الدفاع ضد من يريد اسكات صوت الحق!
لم تكن عند السحيمي الكاريزما اللازمة والهيئة الدينية المطلوبة لقبول تصريحه ورأيه عند العامة ، وهذا لا يشفع له بالقفز على تصاعدية المرحلة ، ويبدو أن أستاذنا العزيز “غرز بالنفود” وهو يمتطي صهوة الدوج الأحمر الذي ورثه من الجدة حمدة، ولسوء حظه كان الدبل متعطلاً وجلس مكانه!
كان قرار إيقاف الاستاذ محمد السحيمي قرار يحتوي على “روح القانون” وهو للأمانة قرار حكيم ونقطة إيجابية تحسب في صالح الجهات المسئولة، والتي أصابت فيه أكثر من هدف، ولكي ترضي جميع الأطراف المختلفة وتسكت تداول أمر بسيط لا يستحق كل هذا الوقت والجهد، ولدينا ما هو أهم وهو العمل والجدية والبناء للوصول إلى التحول الوطني ورؤية السعودية.
أنا على يقين بأنه لا يوجد مواطن سعودي يحارب الاسلام أو يريد هدم الدين والثوابت، لأن التاريخ والواقع والحقيقة والأساس الذي قامت عليه هذه المملكة الغالية هو أن الإسلام دين السعوديين وهويتهم، فلا مزايدة على الدين والهوية.
أما من يزايد على الدين والثوابت فهذا له مأرب أخرى! ولأجلها زبد ورعد وصرخ وعبس وسل سيف لسانه يحرض ويهيج البسطاء من أفراد الشعب! وكما هو ذاك التحريض في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي بالجهاد ونصرة المسلمين في دول ما وراء الحدود، أراه مشابهاً الان لما يحدث من تأجيج الرأي العام وتتبع الزلات للاصطياد بالماء العكر مع أن الأمر هو مجرد رأي بسيط قيل في أمر أبسط لا يستحق كل هذه العناء.
يجب أن يعلم كل شخص من الأشخاص الذين يحلمون بعودة عصر الصحوة! أن ما يحلمون به هو سراب ولا يمكن العودة له مطلقاً. وعليهم أن يحكموا عقولهم ويختاروا الوطن، فهو أصدق حقيقة وأعظم المكتسبات وأغلى ما نفتخر ونعتز فيه.
أنه الوطن الذي يحتضن شعبه أجمعين ولا يشتكي، ويقبل اختلافهم ولا يفسد ودهم، ويشجعهم على العمل والبناء لهدف الأمن والرخاء.
أن كل ما دون الوطن أمراً بسيط يسهل حله، ولكن إذا احتدم الخلاف ووصل إلى حد الوطن ووحدتنا تحت رأية قيادتنا، هنا نقف ونذل الأرواح دفاعاً عنه، أن الوطن خط أحمر لا نقبل بأي شكل من الأشكال بتجاوزه أو مجرد الاقتراب منه.