بُغضاء المجالس!
لنبدأ الرحلة ببعضهم:
من يريد توجيه المجلس لما يحب من أحاديث ولا يهتم برغبات الموجودين، أو يجادل بلا وعي ولا هدف يفتح موضوعات جدلية قد تفوق عقول الجالسين معه أو يحاول تمرير أفكاره بالنبش في مرئيات الجالسين ويشغلهم بتعصبه أو ميله لأمر ما.
من يتحدث عن أسراره ومغامراته وهو صنف من المجاهرين ما يحدث أمراً في بيته أو عمله وحياته إلا ويؤلف أفلاماً، ويجاهر بمكنوناته، ويفضح مستوره، ويكشف خافيه بالتفصيل الممل فلا يفرق بين حق أو باطل، ولا حرام وحلال، ولا مروءة وسفاهة فقط هو آلة حديث لا يترك شيئاً عن ذاته وعيوبه إلا وشرّع فمه ضجيجاً..
ذلك الذي يحكي حكايات مثقوبة وهوائية و»أرنوبية» فيظن أن المجلس يصدقه.. ويصدق أنهم صدقوه فيستمر.
راوية الضحك والسخرية ذلك الذي يزرعون في عقله أنه الظريف الطريف الذي لا يضحك المجلس إلا به ووجوده فهو منبر التنكيت، ومنصة الفرفشة فيشحذ همته للإضحاك بكل ما أوتي من صفاقة وكذب وتلفيق وتطويل.
كثيف الوصايا.. ما أن يجلس إلا وتجده يشير وينصح بكل شيء من خلال تجاربه.. فإن سافر لمكان أزعج الناس به.. وإن فعل أمراً أراد الناس مثله.. وإن سمع عن أمر وجّه الناس إليه «اطرحوا واجمعوا وعددوا ووو»..
سفير الشائعات، وناقل أشباه الأخبار، مدمن السبق والإثارة.
مفسد اللحظات لا يأتي بخير كل ما سمع قرار، أو خيار لأحد تجده منتقداً.. يشتري أحدهم سيارة يجلس ساعة يعيب فيها.. يتخذ أحدهم قراراً تجده يقلل من هذا القرار.. ينوي أحدهم نية ما تجده ينتقص من نياته.
معكر الصفو بعيد عن إدخال البهجة والتفاؤل على جلسائه كل أخباره مزعجة، مغرم بتصفح جهازه الذكي وانتقاء الأحداث المزعجة، ومهووس بنقل أمور ستحدث فيها تغيرات أو مستقبل يزعج الجميع.
الشكّاي لا يكاد يجلس إلا وطاقة ضجر وتذمر وشكاوى تفوق الوصف كل الحياة حوله ضيقة والأبواب مقفلة يعيش بتوجس وقلق من كل حدث.
محرك الرواكد ذلك الذي يغتاب أو يذكر غائباً بما يكره أو يسأل عن خلاف أمام الكل، ويرمي ببعض الأسئلة والمعلومات ليحرك أمراً حدث بين الحضور.
جليس المزاج دقائق إذا لم يرق له الجلوس غادر لمجلس ثانٍ ويمكن أن يعود إلى المجلس الأول فلا تعرف له خاطر وخيار.
كاسر الحدود والخصوصيات المتحدث عن خصوصيات وتفاصيل أحدهم في المجلس.
مثير الرغبات.. ومندوب المغامرات «وش رايك نسافر ونسوي ونفعل» شغلته إثارة الشجون وتنشيط الأهواء دون الاهتمام بأحوال الجالسين وظروفهم.
طرزان المجالس كل معاركه لا يخسرها وهو الصح دوماً وغيره خطأ، وهو المظلوم وغيره ظالم، وهو الذي تحمل وتفوق على خصومه، وهو الذي لا يمكن لأي أحد أن يلعب عليه ووو.
مجالس مررنا بها يمكث فيها البُغضاء يجب أن يجتاحها العقل والرشد والتغيير.. وننتبه أن نكون أحدهم.