تاج الأخلاق وعنوان العظماء
الإعلامي والصحفي ــ محمد آل ضعين
عضو هيئة الصحفيين السعوديين
الحِلْم خلق عظيم وصفة كريمة تُعدّ من أرقى الفضائل التي حثّت عليها الشرائع السماوية وأشاد بها الحكماء والفلاسفة عبر العصور. فهو يعبر عن ضبط النفس عند الغضب، والتروي في اتخاذ القرارات، وهو تاج الأخلاق الذي يزين النفوس الكبيرة ويدل على نضج العقل وسمو الروح.
تتجلى قيمة الحِلْم في حياة العظماء عبر التاريخ، فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم نموذجًا يُحتذى به في ضبط النفس والتسامح. تصرفاته وأخلاقه كانت عنوانًا للحِلْم والقوة الداخلية التي تجسد السيطرة على المشاعر السلبية والتعامل بحكمة، مما أكسبه احترام الناس ومحبتهم.
الحِلْم لا يقتصر على كبح الغضب فحسب، بل يشمل التسامح والتغاضي عن أخطاء الآخرين، وهو ما يعزز الروابط الإنسانية ويقلل من النزاعات. كما قال الإمام الشافعي:
إذا سبّني نذلٌ تزايدتُ رفعةً
وما العيب إلا أن أكونَ مساببَه
في حياتنا اليومية، يظهر الحِلْم كمهارة حياتية ضرورية لمواجهة التحديات وضغوط العصر. يمكن تنمية هذه الصفة من خلال التفكير في عواقب الغضب والتأمل في نتائج التسامح، بالإضافة إلى السعي الدائم لضبط الانفعالات والتصرف بعقلانية.
إن الحِلْم لا يرفع من قدر صاحبه فقط، بل يترك أثرًا إيجابيًا على المجتمع بأسره. القائد الحليم يكسب ولاء شعبه، والمعلم الحليم يغرس في نفوس طلابه قيم الصبر والاحترام، والوالد الحليم يبني علاقة متينة مع أبنائه.
وكما قال أحد الشعراء:
وإني لحَليمٌ عن جَهالةِ صاحبٍ
وأعلمُ أن الجهلَ شرُّ رفيقِ
ختامًا، الحِلْم ليس مجرد خلق أخلاقي، بل هو أساس لنجاح العلاقات الإنسانية وركيزة للتعايش السلمي. ومن ملك هذه الصفة، امتلك قلوب الناس وثقتهم، وحاز عظمة النفس ورفعتها.