ليلة القبض على كائن من كان!
إعصار الرابع من نوفمبر مضخّة جديدة في سحق الفساد واقتلاعه من جذوره، وموقف تاريخي يبدأ بتحطيم كل الأغلال التي كبلت خطوات التنمية الحقيقية، موعد تجدد مع عهد الحزم والحسم، فقد كانت ليلة سوداء عاصفة على رؤوس الفاسدين، فمن كان يتعشم بمحاسبة مدير عام بالمرتبة 10 إذا أخفق أو أفسد؟
فإذا بنا نتفاجأ بمحاسبة 11 أميراً و38 من الوزراء والنافذين في قطاعات مختلفة كبحوا عجلة التنمية وتورطوا بنهب الأراضي وأسهموا في تنفيذ مشروعات متهالكة البنى التحتية، وسرقوا خزينة الدولة بمشروعات وعقود وهمية، وكانوا يظنون أنهم أعلى من يد المحاسبة وأن العقاب العادل لن يجرؤ على بلوغ مواقعهم الرفيعة!
لقد جاء الأمر الملكي بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد للحصر تأكيداً على مرحلة تاريخية جديدة، تنبئ بعزم القيادة السياسية على اجتثاث الفساد وتعقب الفاسدين وكل من أضر بالبلد ممن غلّب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتدى على المال العام وأساء استخدام السلطة دون وازع ديني أو ضمير أو أخلاق، هذا التوجه يجعلني أعيد إحياء مطالبي بتطوير وتحديث التشريعات والتنظيمات التي تساعد على دعم الإرادة الملكية الصارمة بمحاربة الفساد، ولتكن البداية بإقرار برنامج حماية المبلغين عن البؤر والخائضين فيها، فمن غير المنطقي أن يقوم موظف صغير بالتبليغ عن فساد محمي بأصحاب نفوذ وسلطة، سواء كانوا أمراء أو وزراء أو قيادات تنفيذية عالية، حيث يتهدده التنكيل طالما أن الفاسد أقوى نفوذاً وأقدر على البطش بكل من يقترب من بروجه.
أعتقد أن الوقت حان لإعادة تنظيم الجهات الرقابية بدمج هيئة مكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة، في هيئة واحدة تحت مظلة هيئة مكافحة الفساد لتتمكن من جمع الأدلة والتحقيق بكفاءة وسرعة وإحالة المتورطين للقضاء مباشرة، مع امتلاك صلاحية كف اليد عن العمل لكل من تدور حوله الشبهات في ممارسة الفساد.
سأعترف أن اليأس تملكني من مكافحة الفساد حتى قلت سابقاً: إن كعب الفساد أعلى من النزاهة، واليوم في عهد الملك سلمان أقول: إن النزاهة ستدك قلاع الفساد بكل العزم والحزم، والآن لا مكان لمقولة لك وإلا للذيب، ولا مجال لمقولة “البلد كلها ماشية كذا وليه ما يحاسبون هذا الوزير أو ذاك الأمير”، إنه عهد سلمان الحزم والعزم وعهد ولي العهد حبيب الشعب محمد بن سلمان.