عام

العمل التطوعي في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030

يعد العمل التطوعي وسيلة من وسائل النهوض في المجتمعات، وسلوكاً حضارياً ترتقي به الدول، ورمزاً للتكافل والتكاتف والإيثار والتعاون بين أفراد المجتمع بمختلف مؤسساته، وينعكس أثره إيجاباً في حياة الفرد والأسرة والمجتمع والوطن.
ومن أبرز سمات المواطنة أن يكون المواطن مشاركاً في الأعمال المجتمعية، والتي من أبرزها الأعمال التطوعية، فكل إسهام يخدم الوطن ويترتب عليه مصالح دينية أو دنيوية كالتصدي للشبهات وتقوية أواصر المجتمع، وتقديم النصيحة للمواطنين وللمسؤولين يجسد المعنى الحقيقي للمواطنة. وتعد الفردية والجماعية من الخطوط المزدوجة في كيان الإنسان، ويعكسان إحساس الإنسان بفرديته وإحساسه بالميل إلي الاجتماع بالآخرين والحياة معهم كواحد منهم، وتعبر قيمة العمل الجامعي عن توحد الفرد مع الهدف العام للجماعة.
ويتضمن العمل الجماعي والتطوعي مجموعة من قيم المواطنة التي تتعلق بالتأكيد على أهمية العمل بروح الفريق في إنجاز المهام المختلفة وتجويد الأداء، وضرورة مشاركة الفرد في تحقيق أهداف الجماعة، والمجتمع، والمشاركة في حل مشكلات المجتمع والنهوض به، وتشجيع العمل التطوعي من أجل الآخرين، مع غرس قيمة حب العمل وتقدمه، فضلاً عن أدب الحوار والمناقشة، واحترام الرأي الآخر والتأكيد على قبول التعددية والاختلافات في الرأي والاتجاه والدين.
ويمثل العمل التطوعي رافداً أساسياً للتنمية الشاملة، يعكس مدى وعي المواطن لدوره في نهضة بلاده ورفعتها؛ لذا تحرص الدول المتقدمة على إدراج العمل التطوعي كعلم يدرس في المدارس والمعاهد والجامعات والدورات التدريبية لمنظمات المجتمع المدني والأهلي، وطرح مفهومه وأهدافه ومجالاته في العديد من الإصدارات، سواء كانت كتباً أو دوريات.
وتؤكد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على تمكين المسؤولية المجتمعية من خلال رفع مستوى تحمل المواطن للمسؤولية وتوجيه الدعم الحكومي للبرامج التي تحقق أعلى أثر إجتماعي، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية، وبناء ثقافة العمل التطوعي وتشجيعه ورفع نسبة المتطوعين من 11 ألف متطوع فقط، إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030، باعتباره جانب مهم من جوانب التطوير والتنمية المستدامة.
    ويلعب العمل التطوعي في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والخدمات الإنسانية والإغاثية والأبحاث والبرامج الثقافية والبرامج الثقافية والاجتماعية؛ وبذلك يكون العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع،ودوره كبير وهام في التنمية والتطور وبناء مستقبل أفضل، وجذب أفضل المواهب، وتحقيق أواصر الترابط والتماسك الاجتماعي بين أفراده، فالعمل التطوعي خدمة إنسانية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والإيثار والتكافل والتكاتف والعمل الصالح، ولابد أن يكون العمل التطوعي موجهاً ومرتبطاً بجهات ومؤسسات رسمية في الدولة، وتزداد الحاجة إليه في الكوارث والحروب والأزمات مثل( جائحة كورونا )
وحتى يحقق العمل التطوعي أسمى أهدافه، لابد وأن يستثمر أقصى الموارد البشرية المتاحة، وأكثرها فعالية، للنهوض بالمجتمع بكافة مجالاته، وخير شريحة ممكن أن تسهم في نجاح العمل التطوعي، وتعطي فيه باندفاع، وحماس، بل وتصل به إلى حد الإبداع، والتميز هي فئة الشباب. والمملكة العربية السعودية تتميز بتركيب سكاني فتي، وهذا التوزيع العمراني الفتي يستوجب تخطيط وإعداد البرامج والمشروعات الاقتصادية،والاجتماعية التي تستثمر هذا المورد البشري الفتي في النهوض بالمجتمع وتنميته.
والعمل التطوعي له العديد من الفوائد .منها :أنه تجسيداً عملياً مبدأ التكافل الاجتماعي، ويتيح للإنسان تعلم مهارات جديدة أو تحسين مهارات يمتلكها، وشعور الفرد بتحقيق مكسب ديني وهو على الأجر والثواب من الله،وزيادة وتقوية الانتماء الوطني بين الأفراد،ويعطي المتطوع الشعور بالراحة النفسية،ويجعل الفرد المتطوع يكتسب أصدقاء جدد، وتكوين علاقات جديدة واكتساب خبرات، والقدرة على التعامل والتواصل مع الآخرين، والتصرف في المواقف،والقضاء على أوقات الفراغ واستغلالها فيما ينفع،والتعرف على الفجوات الموجودة في نظام الخدمات في كل مجتمع.
وهنا يبرز دور مؤسسات المجتمع المختلفة كالأسرة والمدرسة والجامعة في العمل التطوعي بتنشئة الأبناء وأفراد المجتمع تنشئة اجتماعية سليمة وتنمية قيم المواطنة لديهم وتعزيز الانتماء الوطني والتضحية والإيثار، وتعميق الإحساس بالهوية، وحب العمل الجماعي في نفوس أفراد المجتمع والاستفادة من العمل التطوعي لمعالجة السلوكيات السلبية من خلال : تضمين المقررات الدراسية في مؤسسات التعليم المختلفة مفاهيم العمل التطوعي وأهميته ودوره في التنمية، والتركيز في الأنشطة والبرامج والمشروعات والفعاليات التطوعية التي ترتبط باشباع الرغبات والاحتياجات الأساسية للمواطنين، وإبراز دور المتطوعين تحفيزاً لهم وكسب احترامهم وتقديرهم، ودعم الباحثين لإجراء المزيد من البحوث والدراسات في العمل التطوعي لتطويره وتحسينه وخلق الفرص التطوعية.
المراجع
• العنزي،مشعل،2012،العمل التطوعي،جريدة الأمل الإلكترونية التطوعية.
•  العقيد، إبراهيم (1998). دليلك الشخصي للسعادة والنجاح، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ط3، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر، الرياض.
• الفريح،علياءبنت علي بن محمد،2011،دور المدرسة في غرس ثقافة العمل التطوعي لدى النشء وإعداده والمشاركة فيه.
• خضر،  لطيفة إبراهيم(2000). دور التعليم في تعزيز الانتماء، القاهرة: عالم الكتب.
• مخيمر،أحمد،2012،العمل التطوعي وأثره في التنمية الشاملة،من موقع شبكة الألوكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى