عام

عسل النحل يتحدى البترول .. “كنز لم يُكْتَشف بعد”

من المعلوم أن للبترول ترجع نهضة دول الخليج. غير إنه يجب أن نتذكر أن البترول قبل أن يصبح “ثروة” كان “كنزاً” مكنوزاً في باطن الأرض. ولكن تم استخراجه واستغلاله، فأصبح “ثروة”.
تمتلك المملكة “كنزاً” آخر لم يكتشف بعد، وهو في انتظار استخراجه واستغلاله وتحويله من “كنز” إلى “ثروة”. ألا وهو عسل النحل.
إن عسل النحل ما هو إلا هبة إلهية اختص بها الله  جزيرة العرب دون سواها من دول العالم. فهل نستشعر ذلك؟ هل ندرك ذلك؟ هل نقتنع بذلك؟
كيف ندرك ونستشعر ثم نقتنع بأن عسل النحل يمثل فرصة، تتفرد بها المملكة، ولا تتاح لأي دولة في العالم؟
الإجابة ببساطة تتمثل في مقارنة بسيطة بين سعر كيلو عسل النحل المنتج بأرض المملكة وبين نظيره المنتج في أي دولة في العالم.
إن أقل سعر لعسل النحل السعودي هو (400) ريال، في حين نظيره الأجنبي هو تقريباً (10) ريال.
هذا يعني أن الكيلو الواحد من عسل النحل السعودي يكافئ (40) ضعف لنظيره الأجنبي.
يتبين من ذلك أن مقارنة العسل المحلي بنظيره الأجنبي هو بمثابة مقارنة الذهب بالنحاس.

فكرة المشروع
تتمثل فكرة المشروع في زيادة إنتاج عسل النحل. أي في زراعة الأشجار التي تنتج الرحيق والذي يستخرج منه النحل العسل. وتتم الزراعة في المناطق الجبلية: الباحة وأبها والطائف.
لقد قام الكاتب بإعداد “دراسة جدوى اقتصادية” عن استغلال عسل النحل، واستخراج هذا الكنز المكنون. هذا بعد قضائه لعامين في الباحة، عمل خلالها في النحل، وتعرف على مشاكله.
دراسة الجدوى مبنية على مضاعفة عسل النحل إلى (100) ضعف، وذلك بزراعة (100 مليون) شجرة، بتكلفة (4) مليار ريال.
أي مضاعفة الإنتاج من (10 ألاف)كجم – وهو الإنتاج الحالي للمملكة – إلى (1 مليون)كجم.

عسل النحل والبترول
إن الإيراد الإجمالي لهذا الحجم من الإنتاج هو (150) مليار ريال. في حين أن مساهمة البترول في الناتج المحلي الإجمالي هو (229.3) مليار ريال (حسب عام 2012م).
ولو تضاعف الإنتاج لزاد إيراد العسل عن البترول.
يضاف إلى ذلك أنه إن كان عسل النحل يضاهي البترول من حيث الإيرادات، فإنه يتغلب عليه من حيث انخفاض آثاره السلبية، كما إنه لا يحتاج إلى تكاليف تشغيل.
فالبترول يحتاج إلى تكاليف استخراج مع حفر كل بئر كما يحتاج إلى تكاليف تشغيل، بينما عسل النحل لا يحتاج إلا إلى تكاليف زراعة أشجار الرحيق فقط (4 مليار ريال) ولا يحتاج إلى تكاليف تشغيل بعد ذلك.
والبترول ينفذ، بينما الأشجار باقية ما بقيت الحياة على الأرض.
والبترول ملوث للبيئة، بينما الأشجار مجددة للبيئة ومنتجه للأكسجين.

مزايا أخرى يتفوق فيها عسل النحل عن البترول
قيام صناعات على العسل ومنتجاته (كالتعبئة والتغليف والصناعات الدوائية والغذائية) بهذا الحجم من الإنتاج (150 مليار ريال). وبالتالي تتحول الباحة وأبها والطائف إلى قلاع زراعية صناعية من أكبر القلاع في العالم.
توفير ما يزيد عن (5) ملايين فرصة عمل لـ (5) ملايين أسرة.
دعم السياحة: حيث التشجير، وتحويل هذه المناطق إلى جنان غناء.
إنتاج الأكسجين في المناطق الجبلية، مما يترفه به سكان هذه المناطق من ناحية، ويشجع السياحة من ناحية أخرى.
زراعة محصولية (خضروات وعلف للحيوان وغيرها) تحت الأشجار: حيث الري بالطل (الندى). وذلك مصداقاً لقول الله : {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ، فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ. فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}البقرة265. ويمكن القول بأن هذه الزراعات سوف تؤمن احتياجات المملكة، بل ويمكن التصدير منها.

وإن قال قائل…
وإن قال قائل: إن زراعة الأشجار تحتاج إلى مياه، ونحن دولة فقيرة في المياه. فالرد عليه جاهز وواضح: إن هذا المشروع، بهذا الحجم – وحسب دراسة الجدوى السابق إعدادها – سيحتاج إلى كمية مياه أقل مما يستهلكه أربعة أحياء متوسطي الكثافة السكانية، كالآتي:
– في مرحلة الشتل (وهي عامان): (377) ألف م3 بتكلفة قدرها (754) ألف ريال فقط.
– في مرحلة الزراعة (وهي عام واحد): (2) مليون م3 بتكلفة (4) مليون ريال فقط.

وإن قال قائل “متهكماً”: هل معقول أن تعتمد بلد على عسل النحل وتعتمد عليه بشكل أساسي في اقتصادها؟ فالرد جاهز وواضح: أوليست هولنا والدنمرك – وهما تعدان من دول أوروبا المتقدمة – تعتمد بشكل أساسي على اللبن ومنتجاته في اقتصادياتها؟

نهيب بالمسؤولين
نهيب بالمسؤولين بأن ينظروا إلى هذا الكنز المكنون .. وأن يستخرجوه ويستغلوه؛ دعماً للاقتصاد وتوفيراً لفرص العمل للأسر والشباب ولزيادة رفاهية سكان المناطق الجبلية ولبقية الآثار الحسنة للمشروع.
نهيب بالمسؤولين بدراسة وتنفيذ هذا المشروع: خدمة للجيل الحالي وزخيرة للأجيال التالية. فهذه الأشجار ستبقى ما بقيت الحياة على الأرض.
ماذا ننتظر؟ لدينا القدرة المالية، ولدينا الموارد اللازمة.
هل ننتظر حتى تعز القدرة المالية والموارد؟ وحينئذ لن يجدي الندم نفعاً.
هل ننتظر حتى يأتي الأجنبي ليدلنا هو عن خير بلادنا، وعن كنوز بلادنا؟
ولنذكر أنه كان من مفاخر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عندما ترشح للرئاسة، أنه استطاع خلال 8 سنوات من زراعة (3) مليار شجرة. هذا، في حين أننا نطالب بزراعة جزء من ثلاثين فقط من هذا العدد.
ونختم بالحكمة القائلة: “إن للحقيقة نور تعرف به. فإن زاد نور الحقيقة حتى أعمت الأبصار، فلا يراها إلا ذوي البصيرة”.

مستشار/ عيسى حسن السعيد
خبير الإحصاء والاقتصاد & خبير النحل
E-mail easa1965@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى