عام

شعارات الغل في ساحة الكراهية

قد تُغنى السياسة بأصوات ناشزة، وتُكتب بكلمات الضغائن، وتُلحن بأنغام الحقد، وتُردد بموّالات السوء، وتُعزف بآلات الحمق.. هكذا هي ساحات الكراهية حولنا وهي تحفل وتحتفل ببث السموم، ونشر الغموم.. تطرب بالشتم، وتترنم بالسفاهات..

ساحات، ومنصات، معرفات، ووسائل عربية تطفح بأسماء وأشخاص وجماعات وظيفتها التربص ببلادنا، وشتمنا.. استغلت حتى منابر المساجد، وأرصفة الشوارع، ومدرجات الملاعب لتقذف الغثاء علينا بلغة التفاهات، وأحاديث السخط.

لم تكن المملكة دولة افتعال أو إشعال بل عرفها التاريخ والعقلاء والأوفياء بأنها دولة خير وتنمية وإصلاح ذات بين.. ولم تكن دولة رصد حسابات وكشفها والتمنن بعطائها الدائم.. ولم تكن المملكة دولة انتهاز مع أشقائها العرب والدول الصديقة فكل قضايا العرب كانت من قضاياها فبادرت بجمع المتفرق، ولمّ الشتات بين الأخوة العرب والمتفرقين.. وشواهد الاتفاقيات والمصالحات التي رعتها المملكة معروفة لدى الجميع.

إن جوهر السياسة السعودية هي الثبات على المبادئ، واحترام رغبات الدول، وعدم التدخل في قضاياهم وخياراتهم وشأنهم الداخلي ما داموا يكفّون أذاهم عنا، ويتعاملون معنا بالخير والعرفان.. كما أن الوعي السياسي لدينا يجعلنا نستوعب محدثات السياسة، واحتواء إرهاصاتها.

وتسمو المملكة بفعلها المستقل والثابت على الدعم والمساعدة وبعد النظر في علاقاتها مع أشقائها العرب لذلك فهي تستقر على قيم العطاء، والعون، والبذل فلا يكون ردة فعل مهما سقط الآخر في وحل الانتهاز والخيانة وانعدام الأخلاق. لذا ما نشاهده من غثاء كريه يلفظه أعوان الشيطان من قبل فلسطينيين يظهرون على وسائل ومنصات وبأساليب عفنة لمحاولة شتمنا، أو النيل منا تثبت أنهم لا يعقلون واقعنا ولا واقعهم.

لقد انطلقت المملكة عبر ثلاثة منطلقات سامية حيث إسلاميا كانت قضية فلسطين واحتلال المسجد الأقصى هي قضية محورية وحيوية في تاريخها وشواهد ذلك كثير. وعربياً كان الشعب الفلسطيني وظروفه وواقعه وسلطته قضية جوهرية للمملكة وما الدعم التاريخي والكبير من عشرات السنين إلا شاهد راسخ ودليل واضح على ذلك. وعالمياً تشهد أروقة الأمم المتحدة مواقف وخيارات المملكة الراسخة حول القضية الفلسطينية ونبذها لقرارات الظلم والاحتلال ومحاباة قوى الشر الصهيونية، ودعمها لكل قرار يرضاه الشعب الفلسطيني.

مؤلم أن يزداد غلّ بعضهم علينا، وينشغلون بنا عن أنفسهم ومشكلاتهم لأنهم يرون عزتنا ومكانتنا تعلو وتسمو في العالم فيتجاهلون قضاياهم في بلادهم، ويتفرغون لمتابعة قضايانا وشؤوننا. مؤلم أن نكون الخيار الأول للشتم بمسوغات يزعمونها بالرغم من وجود أطراف ودول يلمسون عيوبها وسوء تعاملها مع بلادهم.

ويبقى القول: السماح لأولئك هو سماح لمد ساحة مشحونة من صراع سياسي تعبوي وثقافي وشعبوي بين المجتمع العربي.. ويتوجب على السلطات الرشيدة المسؤولة عن شراذم الكراهية والجحود إيقاف تلك المهازل فنحن بحاجة للوئام والتعقل, والوفاء، وحفظ الجميل. وليتذكر أولئك أن الشعوب الغارقة في صخب الشعارات لن تهدأ قضاياها، والشعوب المنغمسة في عقد الادعاءات لن تحل مشكلاتها، والشعوب الممتلئة بزيف الظنون لن يدركوا حقيقتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى