عام

لماذا دمجت هارفارد إدارة العلاقات العامة تحت التسويق؟!

في جلسة مع مختصين دار نقاش حول دور قسم العلاقات العامة في المنظمة، وعلاقته بقسم التسويق في ذات المنظمة. وكان الحضور لفيفا من أكاديميين ورجال أعمال. كان محور النقاش حول مدرستين في الإدارة: مدرسة تقليدية ترى أن قسم العلاقات العامة مستقل بذاته ويرفع تقريره مباشرة للمدير التنفيذي أو المسؤول الأول في المنظمة. ومدرسة حديثة، أتفق معها، ترى أن أي تواصل مع عملاء المنظمة يجب أن يكون تحت مظلة واحدة هي قسم التسويق، ولهذا قسم العلاقات العامة يجب أن يكون ضمن أدوات مدير التسويق في أي منظمة ناجحة.

قلت لهم: فيليب كوتلر وهو الأب الروحي لعلم التسويق والاتصال، وضع قسم العلاقات العامة تحت بند الترويج والذي بدوره أحد بنود التسويق الأربعة! رد أحدهم بحماس: هذا غير صحيح، ونظرا لوجود الشيخ قوقل بجانبي ليس تحديا أن تخرج هذا الكلام من موقع فيليب كوتلر، مما جعل صاحبي يحك شعر رأسه قليلا! ليست القضية الانتصار لمدرسة دون أخرى، وليست الفكرة أن العلاقات العامة هي نتاج كلية الإعلام (الإنسانية)، بينما التسويق يندرج تحت كلية علمية (إدارة الأعمال)، تفهم طبيعة المنظمة أكثر، كما يردد البعض، ولكن لأن الواقع اليوم يؤكد هجرة ضخمة في المنظمات الحكومية والقطاع الخاص لدمج قسم العلاقات العامة ليكون ضمن مهام مدير التسويق في أي منظمة CMO.

الأمثلة أكثر من أن تحصر: هارفارد قامت بهذا الحراك عام 2005، ودمجت قسم العلاقات العامة تحت مدير التسويق، وعينت بران كيني لهذه المهمة. يقول كيني: قبل وصولي لهارفارد كانت العلاقات العامة قسما مستقلا عن التسويق، ولكن هناك ترند في السوق من سنوات لدمجهما، لاحظ أن قسمي التسويق والعلاقات العامة لغتهما مختلفة وهذا يشوه صورة المنظمة في نهاية المطاف عند العميل النهائي، وهذا لضمان توحيد لغة التواصل داخل هارفارد Avoid Silos!

ماري ليساكس كتبت بشكل مطول عن هذا الموضوع، وذكرت في كتابها تفاصيل لقائها مع جون أيوتا، مدير التسويق في الشركة الشهيرة أي بي إم IBM، والذي يرى أن الفصل يسبب عزلة داخل المنظمة، وكل إدارة تسبح في واد لوحدها، ولهذا تم دمج العلاقات العامة تحت التسويق في أي بي إم، وفي شركة نيسان، وغيرهما كثير، نظرا لأن التقسيم الحديث للمنظمات يرى ضرورة توحيد الجهود فيما يخص التواصل مع العميل – بمفهومه الواسع ويدخل فيه المستهلك ومجلس الإدارة والمجتمع – تحت سقف واحد.

بالنسبة لي، لا يهمني الاسم النهائي ما بعد الدمج، المهم أن يكون جميع موظفي العلاقات العامة والتسويق في ذات المكان، تحت راية مدير واحد، ولكن الشرط الوحيد ألا يكون في المسمى تكرار، فمثلا قسم التسويق والعلاقات العامة، مثل قولك سأزور الليلة أخواتي وأختي نورة! الاسم خطأ لأن نورة تدخل في نطاق (أخواتك) وهذه خلاصة البحث الطويل لماري ليساكس بأن ثمة توجها كبيرا نحو إدراج العلاقات العامة في مكانها الصحيح، تحت مظلة الترويج الذي هو أحد أركان التسويق الأربعة، كما يقول كوتلر.

بدأ هذا التوجه خلال العقدين الماضيين في أمريكا، وللتو يصل للمنطقة العربية. هذا لا يعني عدم أهمية العلاقات العامة. هذا المقال هدفه وضع العلاقات العامة في مكانها الصحيح داخل المنظمة. العلاقات العامة أحد أهم بنود الترويج لأنها توصلك لشريحة لا تحلم بها، بتكلفة قليلة مقارنة بالخيارات الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى