عام

تصبيرة” تحت الأقدام

لقد شرف الله تعالى المملكة وشعبها بخدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون للـ”بلد الأمين” سنوياً بأعداد مليونية، ورغم ضخامة الحدث فإن بلاد الحرمين الشريفين تستقبلهم بكل ترحاب، وتوفر لهم التسهيلات اللازمة ليتمكنوا من أداء مناسك الحج بكل سهولةٍ ويسرٍ.
ويصاحب فترة الحج أعمال خيرية متنوعة ، لعل أبرزها الوجبات المجانية التي يتم تقديمها لضيوف الرحمن وخصوصآ يوم عرفة، وهذا بالتأكيد عمل خيري عظيم زمانآ ومكانآ، يعزز من موقف المملكة في خدمة حجاح بيت الله الحرام.
لكن للأسف الشديد، هناك مظاهر سلبية تظهر عقب تناول هذه الوجبات، أبرزها تعامل بعض الحجاح بطريقة غير كريمة مع بقايا الطعام، حيث نرى “النعمة” تحت أقدام الآلاف تداس، فضلاً عن سوء استعمال هذه الوجبات، حيث تعود البعض منهم أخذ جزء من هذه الوجبات ورمي الباقي بطريقة مهينة للنعمة على الأرض، أو على جوانب الطريق لتمر عليها الأقدام، في مشهد ظل يتكرر كل عام، دون أن تتحرك الجهات ذات الاختصاص لمعالجة هذا الأمر.
وهذا التصرف المهين الذي يصدر من بعض حجاج بيت الله الحرام تجاه الوجبات الجاهزة التي تقدم لهم مجاناً، يسيء إلى المملكة وشعبها قبل أن يسيء إلى الحجاح أنفسهم.. حيث ظللنا في كل عام نرى العشرات من القنوات الفضائية ،الإقليمية والعالمية تنقل لنا وقائع الحج، بينما أقدامهم “تدعس” أطناناً من بقايا الوجبات الجاهزة التي يحوم الذباب حولها، في مشهد أقل ما يوصف بأنه مثير للاشمئزاز ، وينقل صورة نمطية سيئة قد تصادر الجهود المشرفة.
لا أريد من كلامي هذا أن انتقد تصرفات بعض ضيوف بيت الله الحرام، فهم محل حفاوة، وتقدير واحترام، لكن لا نريد نحن كشعب أن تشوه الصورة الجميلة والعمل الخيري الكبير الذي يتم بذل فيه أموال وجهود كبيرة، بتصرفات البعض، سواء كان عن قصد أو غيره، فضلاً عن ذلك فإن حفظ النعمة واجب على كل مسلم، كما أن هذه المشاهد تعكس صورة سيئة للمسلمين، حيث يشاهدها الملايين من مسلمين وغير مسلمين، كما إننا لا نريد أن تقوم بلاد الحرمين بتصدير هذه المشاهد التي تسيء لعامة المسلمين.
أما مشهد الأنعام المذبوحة في عرفة فإنه يثير الدهشة والاستغراب، ويؤكد بأننا نحتاج لجهود مضنية وجبارة في التنظيم وتقديم النصح والإرشاد لضيوف الرحمن.
لذلك لابد من تكثيف الحملات التوعوية والإرشادية لحجاح الداخل والخارج، وحثهم للحفاظ على النعمة التي تقدم لهم، على أن لا تكون هذه الحملة مقتصرة على الجهات الرسمية، ولكن على مؤسسات المجمتع المدني، ومؤسسات حجاج الداخل والخارج الاضطلاع بدورها في توعية الحجاج، فالتوعية الصحيحة حول الطريقة الصحيحة في التعامل مع الوجبات المجانية لتي تقدم في الحج لا تقل أهمية عن الوجبة نفسها.. والكثير منا يشعر بألم وحزن عندما يرى “وجبة خفيفة” أو” تصبيرة” تحت أقدام الحجاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى