منوعات

لعبة «فورت نايت».. تشجيع الأنا والروح القتالية..!

حذّر مختصون في مجال علم النفس والاجتماع من خطورة جهل الوالدين بأدوات التقنية التي تضعف دورهم في التوجيه والمتابعة في ظل تسارع الفضاء الإلكتروني التقني، وأن مشاركة أشخاص غرباء في اللعبة مع أبنائنا يحمل في طياته الكثير من علامات الاستفهام، ولعل من أبرز وأخطر هذه الألعاب لعبة «فورت نايت»، والتي اجتاحت العالم، والمصنفة من ضمن الألعاب الخطيرة لاحتوائها على مشاهد عنف وتأثيرها الكبير خصوصاً أن الأطفال يستطيعون امتلاكها في سن مبكرة من العمر، وتجد إقبالاً كبيراً منهم، على الرغم من المشاهد التي تصورها، والتي قد تؤثّر سلباً على الأطفال المدمنين على ألعاب الفيديو.

عزلة اجتماعية

وذكر د.محمد بن مترك القحطاني -بروفيسور علم النفس- الأسباب التي تدفع المراهقين والشباب والأطفال على إدمان الألعاب الإلكترونية مثل الفراغ، وعدم وجود بديل لألعاب أخرى، أو ممارسة هوايات أخرى، بل وعدم توفر بيئة خصبة لممارسة الرياضة أو الحركة الجسدية، مضيفاً أنه في ظل انشغال الأبوين وجلوس الأبناء منفردين وقلة التوعية عند الوالدين وضعف جرعات تثقيف الأبناء بخطورة بعض الألعاب الإلكترونية، والإدمان، وأسلوب التنشئة الخاطئ في إهمال الطفل وتركه لوقت طويل مع المربين أو جلوسه بمفرده مع الجهاز المحمول، وقوة تأثير الألعاب على الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى تأثير التسويق الإلكتروني والتقدم التكنولوجي المتسارع وجهل الوالدين بأدواته، فإن الأطفال سيلجأون إلى مثل هذه الألعاب، مشيراً إلى مخاطر الإدمان على الألعاب بشكل عام ومنها السمنة وضعف البصر وضعف التركيز وضعف الجانب العقلي لدى المراهق، وكذلك تسبب العزلة الاجتماعية، قد تسبب الاكتئاب وتضعف مهارات التواصل الاجتماعي الحي لدى الشباب، مبيناً أنه بالنسبة لمخاطر لعبة «فور نايت» تحديداً فإن من ضمن مراحل اللعبة هو التعامل مع الغرباء، وقد يتم استغلالهم بشكل سلبي لا ندرك عواقبه.

وشرح طريقة علاج المدمنين على الألعاب الإلكترونية والذي يكمن في توعية الوالدين بأهمية تخصيص وقت للجلوس مع أبنائهم ومناقشتهم، وتوعية الوالدين بأهمية تحديث أسلوب التربية بما يتماشى مع العصر الحديث، ومحاولة إيجاد بدائل للألعاب، وكذلك توعيتهم بعدم الاستجابة لمطالب الغرباء على الفضاء الإلكتروني وتعريف الوالدين بما يحدث في حال تم طلب ذلك، إضافةً إلى تقنين استخدام اللعبة بتخصيص وقت معين بشرط أن ينجز تحصيله الدراسي، إلى جانب أنه لا بد من تجنب الأبناء وتحذيرهم من استخدام الألعاب التي فيها تواصل مع الغرباء المتواجدين في أنحاء العالم.

طابع المنافسة

وأرجع د.فهد الطيار -رئيس الدراسات المدنية وأستاذ علم اجتماع الجريمة بكلية الملك خالد العسكرية- سبب تزايد أعداد المشاركين في تحميل لعبة «فورت نايت»؛ لأنها تحمل طابع المنافسة والرغبة في الانتصار، والبقاء على قيد الحياة، وهي غريزة تستهوي مدمن تلك اللعبة، إضافةً إلى أنها لعبة مجانية يستطيع الطفل تحميلها بسهولة، مضيفاً أن اللعبة عبارة عن (100) لاعب يطلقون النار على بعضهم البعض حتى يتبقى شخص واحد في النهاية، وفي بداية اللعبة، تحلق طائرة تضم اللاعبين فوق جزيرة، وكل لاعب يقرر أين سيقفز، وبعد ذلك، يقوم اللاعب بالبحث عن الأسلحة والفخاخ والأدوية داخل المنازل والأبنية، كذلك يقوم اللاعب باستخدام فأس ومطرقة لتقطيع الأشجار وتكسير الصخور، بهدف بناء الجسور أو الدفاعات اللازمة لحماية نفسه، ومع مرور الوقت، تصبح ساحة المعركة أصغر فأصغر، وتزداد الإثارة تدريجياً، ثم تتجمد الدماء في العروق عندما ترى مخروطاً ضوئياً أزرق اللون أضاء أمامك لينتشل جسد من أصابته نيران لاعب آخر، ذاكراً أنه من أسباب الانتشار أيضاً خاصية التفاعلية التي تمتاز بها، حيث يمكن المشاركة في اللعبة من لاعب إلى ثلاثة لاعبين في الفريق الواحد، في حين يمكن لهم التواصل مع بعضهم البعض باستخدام سماعات الرأس.

زيادة العنف

وأوضح د.الطيار أنه تعد تلك اللعبة من إحدى الألعاب الخطيرة والتي تؤثر سلباً على الأطفال المدمنين عليها، وللتدليل على الإدمان أشارت الإحصائيات أن (10) ملايين شخص قاموا بتحميل اللعبة خلال أسبوعين فقط، وفي حين تشير إحصائيات أخرى أن (40) مليون شخص قاموا بتحميل اللعبة حتى الآن، وتم تسجيل وجود مليوني شخص يلعبون «فورت نايت» في الوقت ذاته، لافتاً إلى أنه ترجع الخطورة كما بينت إحدى الباحثات أن الأسلحة المستخدمة في اللعبة موجودة في الواقع، وقد يؤثّر ذلك على بعض الطفل المدمن، هذا علاوة على أن عملية شراء الأسلحة متاحة داخل اللعبة، حيث يستطيع اللاعبون شراء أدوات جديدة وتغيير المظهر الخارجي للشخصية التي يلعبون بها، مضيفاً أن إدمان وممارسة الأسلوب القتالي يؤدي إلى زيادة معدلات العنف بين الأطفال الممارسين للعبة، والذي يكون ناتجاً من تقليد الأسلوب الخاص بتلك اللعبة وهو العنف والقتل، وأن البقاء للأقوى وهو ما يشكل تقمص مفهوم قانون الغابة لدى الأطفال والمراهقين، ومن ثم يساعد كثرة ممارسة تلك اللعبة العنيفة إلى غرس بعض السلوكيات العدوانية، وإشاعة العنف بين فئات المراهقين، وتجعل مستخدميها أقل عناية وعطفاً على الآخرين.

ألعاب تفاعلية

وأكد د.الطيار أن تأثير هذه الألعاب يعد أشد خطراً من أفلام العنف؛ لأن هذه الألعاب تفاعلية، بينما يكون دور المشاهد للأفلام سلبياً، خاصةً أن للمشاهد دوراً إيجابياً يتمثل في التفاعلية والمشاركة في هذه الألعاب، مما يجعلها أشد تأثيراً في غرس بعض المفاهيم لديهم، واحتمال تأثرهم بسلوكيات وتصرفات الشخصيات المشاركة في هذه الألعاب، والقيام بتقليدها ومحاكاتها، حيث أن المراهقين يتخذون من هذه الألعاب مورداً لأفكارهم الجديدة عن حياتهم المستقبلية، وهنا تكمن الخطورة، خصوصاً أن المراهقين لا يزالون في مرحلة التكوين الفكري، وخبراتهم محدودة، مما يجعل كثافة تعرضهم للعنف المقدم من تلك اللعبة أو غيرها صورة لما يحدث في العالم الذي يعيشون فيه، وأنه الوسيلة المثلى لتحقيق أهدافهم.

ولفت إلى أنه تقوم نظرية الغرس على الفرض الرئيسي ويشير إلى أن الأفراد الذين يتعرضون لمشاهدة التلفزيون بدرجة كثيفة Heavy Viewrs يختلفون في إدراكهم للواقع الاجتماعي من ذوي المشاهدة المنخفضة Light Viewers حيث يعتقدون أن ما يشاهدونه من خلال التلفزيون من واقع وأحداث وشخصيات تكون مطابقة لما يحدث حقيقة في الحياة.

إشراف وتقنين

وتحدث د.صالح العقيل -أستاذ علم الجريمة المشارك بجامعة المجمعة- قائلاً: هناك خطورة للألعاب الإلكترونية التي تجعل الشباب والأطفال متعلقين بأجهزتهم ليلاً ونهاراً، خاصةً إذا كان من شروط اللعبة إضافة أشخاص يتشاركون في التفاصيل، مضيفاً أن الكثير من الأسر أصبحوا منشغلين في الحياة سواء بالعمل أو بالواجبات الاجتماعية مما أتاح للأطفال ومنحهم الوقت ليقضوا وقتاً طويلاً مع هذه اللعبة، وبطبيعة الحال كل زيادة عن المعدل الطبيعي تصبح مضرة ويدخل في هذا الإطار هذا النوع من الألعاب والتي تؤذي أطفالنا وشبابنا ونحن نجلس بجانبهم في مكان محدد الأركان، ولكن كلا الطرفين مشغول عن الآخر، مضيفاً أن الحل لا يكمن في الحرمان بشكل عام؛ لأن كل جيل له أدواته في الترفيه، ونحن لا نستطيع فرض أدواتنا الترفيهية عندما كنا في أعمارهم؛ لأنها لا تتلاءم مع تفكيرهم ومهاراتهم، لكن يجب أن يكون ذلك تحت إشراف وتقنين أسري من حيث تحديد الوقت ومراقبة الوالدين، مشيراً إلى أن اللعبة يمكن وصفها باللعبة الخطيرة بسبب إضافة أشخاص مجهولين للمشاركة في المراحل عن بُعد دون معرفة عن خلفية هؤلاء الأشخاص الذين قد يكون منحرفين أو لصوص يستغلون الشباب والأطفال في أمور خطيرة، خصوصاً وأن الكثير من الأسر تجهل التقنية الحديثة، وهذا الجهل ثغرة ونقطة تضعف دور الوالدين، لذلك يجب أن يتقن الأبوان هذه اللغة وألاّ يظهرا لأبنائهما ضعفهما.

هدم وتكسير

وأكد د.ماجد قنش -استشاري علم النفس السلوكي والأسري- على خطورة هذه اللعبة؛ بسبب دعوتها للقتال والانتقام وتكسير كل شيء يصادف اللاعب للوصول إلى أعلى المراحل، مضيفاً أن تأثير اللعبة السلبي يكمن في تأثير الهدم والتكسير للوصول إلى هدفه، والذي يتعارض مع الأفكار السلمية في أن الناجح من يصل بمثابرته إلى هدفه وليس بتحطيم كل شيء حوله باستخدام الأسلحة والقنابل، إضافةً إلى أنها تعظم في الشباب والشابات والمراهقين حب الأنا والتعالي وفي حال انهزم المراهق فإن هرمون السعادة ينخفض وهرمون الغضب يرتفع وهذا ما يجعله شخصاً عصبياً ومتنرفزاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى