منابر الخراصين
لم يكن الفضاء الاتصالي المباح لكل طيف، وعقل، ولسان إلا مساحة أدّت إلى “الفوضى الخرّاصة”. وحين يعتلي بعض الحاقدين منابر الفتنة يبرز طرحهم المملوء بالغيظ والحقد تجاهنا؛ فيلفظ ما لقمه من السوء في غابر حياته.
في الدولة العربية يقفز أمامك “هرطوقي” عربي يسمونه خطيباً واعظاً في مسجد للصلاة والعبادة والتنوير الديني وعلى منبر لصلاة الجمعة المباركة فيستبيحه.. فيأبى ويجعل منبر المسجد مُرتقى لترهات سياسية وشعارات إخوانية مستغلاً هذا المنبر لبث أقاويل فارغة وأحاديث حاقدة تجاه المملكة موجّهاً بوصلته نحو العدائية والانتهاز وتدعيم معسكره الصفوي المفضل؛ فحالة الببغائية التي يعيشها هي حالة تجارية متاحة للبيع لمن يرغب.
هكذا هم الانتهازيون؛ يخرج الخونة من قماقمهم وحين ينالون مساحة منبرية يثرثرون فيها بساقط القول ويغالطون، ويكذبون فيها ما كذب فيكشفون عوار عقولهم؛ فتتعرى ذممهم، ويقدم نفسه كسايس لشيطانه لا واعظ أو داعية أو مصلح أو حتى محلل.
ويبدو أن سوء أوضاع بلاده وفوضاها أفقداه رُشدَه؛ حين لف ودار وعاد إلى القذف السياسي المنبري فيتعرّض للمملكة ورموزها وسياستها ومصالحها فكان يضع نفسه حكواتياً مجّت منه جماعته، وملّت منه شرذمته.
لم يكن هذا الخطيب الحاقد الضال الذي أسموه بإمام الجمعة وأمثاله من الذين تركوا كل قضايا وموضوعات ومعاناة ومشكلات بلدانهم وتفرغوا للحديث عن المملكة إلا أراجوزات صوتية يملأ رغباته بالتقلبات والمزاجية في طرحه الفاضي وهذا ما عرف عنه وعن شرذمته من واسعي الذمم.
الحراك السعودي السياسي، والثقل الكبير لبلاد الحرمين الشريفين الذي أزعج أسياده في طهران ومن شايعها فانزعج معهم وعبر عنهم. فاستخدم أساليب السفسطة واللعب على مشاعر ومخاوف الشعوب بالكلام غير المباح في المسجد المستباح.. يجعلنا ندرك أن هذا الصراخ كان بحجم الألم.. وبحجم فقدان المصالح.. وبحجم انقطاع المنافع.. وحين يتحدث المتأزمون عن المملكة، فالمملكة تعمل وتفعل.. والمملكة بسياسة الرشد تعلم مقام كل منهم ومكانتهم المتدنية التي يجب أن يكونوا فيها وستضعهم في خانة البؤس والصراخ وغيرهم كثر.. فالطبل سيد الرقص.. وله وأمثالهم في ذلك أشباه.
وأتعجّب من بعض المرتزقة العرب الرخيصين الذين يتركون الحديث عن مشكلات بلدانهم وأحداثها ومعاناتها في أمور كثيرة.. ويبيعون عقولهم وقلوبهم ويستخدمون منابرهم المختلفة لمهاجمة بلاد الحرمين الشريفين لينافحوا عن دول لا علاقة لها بهم؛ فيثبتون أنهم بلا ضمائر ولا يعرفون قيمة الوطن، فقبّح الله مالاً أسقط الحق والأخلاق.