عام

جرائم شبكات التواصل الاجتماعي

برزت مشكلة حديثة على الشبكة العنكبوتية – الإنترنت – تتمثل في بروز مواقع تدعى مواقع التواصل الاجتماعي مثل ” فيس بوك ” و ” تويتر” ، حيث يتردد نحو الملايين من الأفراد و باستمرار على هذه المواقع في ظل ما تكشفه الإحصاءات كل سنة . فقد استغل عدد من المجرمين تلك الصفحات للتستر خلفها، ومزاولة أنشطة غير مشروعة ، تتنوع بين انتحال الشخصية وانتهاك الخصوصية والتشهير والقذف و التحريض على العنف والإرهاب والفسق والفجور وغيرها . و هذه الممارسات تندرج تحت مسمى ” الجرائم المعلوماتية ” .
و مع الاستخدام المتزايد لتقنية المعلومات في شتى مجالات الحياة وظهور المعلوماتية وتطبيقاتها المتعددة وما ترتب عن ذلك من ظهور تقنيات جديدة في ارتكاب الجريمة المعلوماتية، سارعت دول عربية إلى سن قوانين خاصة بالجرائم الإلكترونية، ونذكر على سبيل المثال ، المغرب الذي أصدر سنة 2003 قانون الإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات ، و الإمارات العربية المتحدة التي أصدرت سنة 2006القانون الاتحادي في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، و المملكة العربية السعودية التي أصدرت سنة 2007 نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية والتعاملات الإلكترونية، و مصر التي أصدرت هذا العام القانون المتعلق بمكافحة جرائم تقنية المعلومات .
و بالنسبة للقانون المغربي المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات، الذي يعدل بموجبه مجموعة القانون الجنائي ، فهو غير كافٍ ولا يضمن حماية فعالة، خاصة أنه لا يشمل سوى جانب واحد من جرائم الإنترنت، وهو ذلك المتعلق بالوصول بطرق احتيالية إلى البيانات والمعطيات الشخصية ، إذ أصبح الأمر يتطلب وضع قانون خاص بالجرائم المعلوماتية، نظرا إلى التزايد المضطرد لهذا النوع من الجرائم وما يحمله من خطورة على المجتمع والأفراد وتهديد للنظام والأخلاق والقيم الاجتماعية.
أضف إلى ذلك ، ينبغي التفكير في إنشاء محاكم إلكترونية لسد الفجوة القانونية التي أحدثها التطور التكنولوجي الهائل في السنوات الأخيرة ، على رأسها قضاة متخصصون في الجرائم المعلوماتية . فهناك جرائم معلوماتية ترتكب يوميا ، وحرمات تنتهك، وحقوق تُسلَب على شبكة الإنترنت في غياب آليات قانونية للردع لحماية الحياة الخاصة للأفراد و مراكزهم الاجتماعية .
ناهيك على أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تغزو عقول الناس بأفكار جديدة موجهة ومعدة خصيصاً إليهم، تؤثر على سلوكهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، واختراق المنظومة القيمية للمجتمع ، دون أن تعي المجتمعات بهذا الخطر الذي يهددها .
وهذه المواقع ، استغلتها أيضا المنظمات الإرهابية لتستهدف الأفراد ، مع التركيز على الشباب بشكل أساسي ، ببث أفكارها المتطرفة وإغراءاتها الهدامة، و نشر الفتن والأفكار المتطرفة لسهولة تداولها، وهذا يعني أنها صارت تستخدم ضمن أخطر الحروب على الإطلاق باستخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة، مما يؤثر على عقولهم و الدفع بهم للانخراط في تنظيمات متطرفة و ارتكاب الجريمة الإرهابية .
كما أن المكلفين بالدعاية الإعلامية داخل الجماعات المتطرفة و الإرهابية متواجدون وبشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي ولا يقتصر وجودهم على التواصل فقط ، وإنما هم بارعون في استخدام الانترنت ، و إتقان استخدام التقنيات الحديثة بما في ذلك تقنية تطبيقات الهواتف الذكية.
لقد أصبح من الضروري تحصين بلادنا من جرائم شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تهدد أمن الدولة بالإشاعة و التحريض على الكراهية و العصيان المدني وزرع الفتن ، كما تهدد الحياة الخاصة لأفراد المجتمع و تمس بحقوقهم و حرياتهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى