المملكة وخط السيادة
لاشك أن العرف السياسي والدبلوماسي يجعل من التدخل في الشؤون الداخلية للدول أمراً مرفوضاً، ومساساً بسيادة الدول ومقوماتها وأنظمتها.. ودول السيادة والكرامة والقوة كالمملكة تكرس هذا المفهوم دوماً عبر خطابها السياسي، ومن خلال تداولها، وتعاملها مع مجريات السياسة وأحداثها، حيث تنأى بنفسها العزيزة عن أي شأن داخلي لدولة تعيش في حالها..
«أي إصبع يأتي يتدخل في المملكة سنقطعها» عبارة حزم رددها فقيد الدبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل – رحمه الله -، يمثل هذا الخطاب معنى السيادة لبلادنا الذي تتبعه منذ تأسيسها وفي ظل ملك الحزم، ومحمد العزم.
إن مفهوم السيادة سياسياً واضح لا لبس فيه، لكن بعض الدول الطفيلية التي تحاول حماية شيء ما يضعها في حالة الاشتباه هو ما يجعلها تتدخل وتنافح لأجل من تدعمهم.
فكندا في حفلة غباء يطرب فيها الغراب تفقد عقلها السياسي.. وهي التي تحوي الكثير من المطاردين في أميركا، وكثيراً من المطلوبين وترعاهم لا يستغرب منها هذا التطفل والتدخل، وفي وقت تشهد فيه المملكة مناسبة دينية عظيمة تستنفر فيها كل الجهود والإمكانات والدعم لإدارتها وإنجاحها كعادتها.. تأتي كندا متطفلة.. بل تجاوز خطابها إلى الإملاء، وفي ذلك تجاوز لكل مقاييس احترام العلاقات الدولية وحدود التعاملات مع الغير، ودليل على جهل مطبق.. لذلك فالموقف السعودي الحازم من كندا حق سيادي مطلق للمملكة حسب ما تقتضيه مصالحها الداخلية والخارجية.
ولا شك أن دس أنف كندا فيما لا يعنيها تصرف أحمق وأرعن سيفقدها الكثير من فرص التعامل النافع مع المملكة، لذا فإن طرد السفير الكندي واستدعاء سفيرنا من هناك وقطع كل التعاملات التجارية والاقتصادية.. كل ذلك يمثل رسالة ليس لكندا وحدها، ولكن لكل دولة تحاول اختراق سيادة المملكة لو عبر تصريح، أو كليمات يرمى بها عبثاً، أو قصداً.. ولن تسمح المملكة – بمنة الله ومشيئته – بأي تحوير لقضايانا وتحويلها إلى التسييس والتطاول.. وهنا تكمن السيادة والعزيمة.
وبيان وزارة الخارجية الساخن هو رد كافٍ ومعتبر يعبر عن ثبات الموقف، وصلابة الخطاب.. تم فيه توضيح وتصحيح المغالطات، وتضمين الرد المناسب لمثل هذا التطفل السافر، والتدخل القبيح من قبل كندا الفارغة التي تركت كل قضايا العالم ونبشت بهوى، وتدبير في ليل، ورابط مريب هذا الخطاب الذي تدعم فيه خونة تسميهم بمزاجها، وتلغي مبدأ احترام سيادة الدول.
الجواب ما يرون لا ما يسمعون، وهذا القطع التجاري والاقتصادي، والملاحقة بإجراءات أخرى كفيلة بتقزيم «خرابيط كندا».. وموقف الحزم عند قيادتنا يتناغم مع معاني العزم، وقيمة الوطن الحقيقية.. فلا مجال اليوم إلا أن تكون المملكة أولاً في كل شأنها، وقافلتها تسير بالنماء والتنمية والأمن والتنظيم. وغيرها من أهل الأهواء، ومرتزقة السياسة، و»بياعي المواقف» لا اعتبار لهم، ولا تراهم المملكة.
ويبقى القول: هذه المنافحة عن خونة تدل على إدانتهم حين يكون خلفهم تطفل من دولة لا تفهم معنى السيادة، وتهيم في «اللقافة السياسية» تهذر بمزاجها الانتقائي والانتفاعي.. اليوم هنا المملكة ذات السيادة الدائمة بإذن الله.. «ومن أراد مس النخلة في شعارنا فتحتها سيفان سيقطعان دابره».