بعد 40 عاما من المقاومة.. إطلاق رصاصة الرحمة على خط البلدة
بعد أكثر من 40 عاما ترجلت حافلات خط البلدة بناء على قرار مجلس الوزراء، الذي قرّر في 11 صفر 1439هـ إيقاف خدمات تلك الحافلات الأهلية المعروفة باسم «خط البلدة»، واستبدالها بخدمة نقل عام حديثة في الرياض ومحافظة جدة.
وانطلقت بدلا منها خدمة النقل العام الجديدة في مدينة الرياض، ومحافظة جدة، وتتولى تشغيلها شركة وطنية متخصّصة تشرف عليها مباشرة «الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض» في الرياض، وشركة «مترو جدة» في محافظة جدة، مع تقديم الخدمة بأسعار تشجيعية تقدر بثلاثة ريالات من محطة إلى أخرى.
وجاء إيقاف هذه الحافلات عقب إصدار بيان صحافي صدر عن اللجنة العليا المعنية بدراسة هذا المشروع من قبل مجلس الوزراء برئاسة رئيس هيئة النقل العام وعضوية نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، ونائب وزير الشؤون البلدية والقروية، ومدير الإدارة العامة للمرور، مع لجنة خاصة أخرى لتوفير الخدمة البديلة لحافلات خط البلدة، تضم هيئة النقل العام، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وشركة مترو جدة.
وبعد أن انتهت اللجنة المكلفة بدراسة الأوضاع المالية والاجتماعية لوضع ملاك الحافلات الأهلية في المملكة من أعمالها، وجرى حصر جميع المواطنين ممن يمتلكون تلك الحافلات ويعملون فعليا بهذه الخدمة، وعرضت اللجنة على المؤهلين منهم الخيارات المتاحة وفق ما ورد بقرار مجلس الوزراء، وتضمنت الخيارات العمل في مشروع النقل الجديد كسائق في الشركة الجديدة براتب مجزٍ، أو الحصول على قرض من بنك التنمية الاجتماعية في حال رغب البدء بنشاط تجاري جديد، مع الأخذ بعين الاعتبار ضم غير القادرين من السائقين لبرامج الدولة في الضمان الاجتماعي ولمن تنطبق عليهم الشروط.
وقد انتقد تقرير أعدته «الرياض» قبل أقل من عام، أداء تلك الحافلات المتهالكة التي لا ترسم الصورة الحقيقية للنهضة التي تعيشها المملكة، وكان التقرير بعنوان «حافلات خط البلدة .. أما آن لها أن تتقاعد أو يعاد تأهيلها، علما بأن الإيقاف الأخير لتلك الحافلات لم يكن الأول فقد سبقته قرارات لم تنفذ، حيث سبق وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 64 بتاريخ 4/6/1415هـ بمنع نقل ملكية هذه الحافلات وعدم إصدار أي تراخيص أخرى لها، وعلى الرغم من صدور هذا القرار قبل أكثر من 20 عاما، إلا أنه لم يعقبه أي قرار لإيقافها وتقاعدها، أو تنظيمها، وبقيت هذه الحافلات صامدة، تقدم خدماتها المتواضعة.
كما سبق وتطرقت «الرياض» قبل ثلاثة أعوام في العدد 16746 ونشر الأربعاء غرة رجب 1435هـ – 30 أبريل 2014م بعنوان «إلى المسؤول مع التحية «خط البلدة» في الصحف العالمية.. شكراً يا وزارة النقل! وجاء في ثنايا الخبر: نشرت صحيفة «وول ستريت» قبل عدة أيام تقريرا عن باصات (خط البلدة) كوسيلة النقل العام الوحيدة في المملكة، وتحدث التقرير باستغراب شديد أن تكون هذه الباصات المتهالكة التي تقاد بطريقة عشوائية تفتقر إلى أبسط قواعد السلامة، هي وسيلة مواصلات في بلد مثل المملكة.
وقبل تقرير «وول ستريت» (ووصول شهرة حافلاتنا للعالمية)، كتبت صحافتنا المحلية عشرات المقالات عن هذه الباصات التي تعتبر وصمة تخلف في جبين التنمية التي تشهدها المملكة، سواء من حيث انتهاء عمرها الافتراضي أو رعونة سائقيها أو افتقارها إلى أبسط قواعد السلامة المرورية، إلا أن وزارة النقل بقيت صامدة، وتجاهلت الانتقادات، ولم تحرك ساكنا لتطوير هذه الوسيلة المتخلفة.
وفور صدور قرار الإيقاف، قامت هيئة النقل العام والإدارة العامة للمرور، بحملة لحصر تلك الحافلات في الرياض وجدة، وتم بدء تقديم خدمة النقل العام البديلة لـ «خط البلدة» بداية من مارس الماضي في كل من الرياض وجدة، وبإشراف هيئة النقل العام والتنسيق مع الجهات المختصة ذات العلاقة، وتم تخصيص عدد من المسارات في كل من الرياض وجدة وفقا لخطة تشغيلية معتمدة تغطي جميع المسارات التي تخدمها الحافلات الأهلية سابقا حسب جداول تشغيلية محددة وفي أوقات تقاطر منتظمة. ويأتي ذلك في إطار الجهود للارتقاء بخدمات النقل العام، وتطبيق الأنظمة الذكية في التشغيل، قامت بتطبيق نظام إلكتروني متكامل لإدارة الحافلات ومرونة الدفع باستخدام بطاقات ذكية.