المحلية

المملكة تلتفت إلى الإصلاح الثقافي بـ”وزارة ثقافة”.. ما هو مصير “هيئة الترفيه” و”الهيئة العامة للسياحة”؟

بعد الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي نفذها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتحقيقها نجاحات حقيقية وفقاً لتقارير دولية آخرها تقرير صندوق النقد الدولي في 24 مايو الماضي، والذي أشاد بالإصلاحات الاقتصادية الضخمة التي عززت من الميزانية المالية للدولة وجعلتها أكثر كفاءة ومرونة مقارنة بالفترة التي سبقت الإصلاحات؛ قررت المملكة العربية السعودية أخيراً الالتفات للشأن الثقافي، وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قراراً بإنشاء وزارة الثقافة السعودية وفصلها عن وزارة الإعلام، وهو قرار ربما تأخر كثيراً نظراً لأهمية الثقافة في الدول المتقدمة، والتي تبرز تاريخ وثقافة الأمم وتعزز هوية الشعوب في المحافل الدولية.

القرار الذي أصدره الملك حظي بإشادة واسعة لدى المثقفين السعوديين، لكن التساؤلات العديدة المطروحة: ما هو الدور الذي ستضطلع به وزارة الثقافة؟.

في الدول الأوربية، يعتبر وزير الثقافة هو المسؤول عن السياسة الثقافية، والتي غالباً ما تشمل الفنون وتقديم الدعم المباشر للفنانين والمنظمات التي تهتم بالفنون، كما تقع تحت مسؤولية وزارة الثقافة حماية التراث الوطني للبلد، واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز التراث.

كما يتعين على وزارة الثقافة وضع سجل رسمي بالمواقع التاريخية والتراثية والمحمية وغيرها من المواقع ذات الأهمية الثقافية، كما أن من مهام وزارة الثقافة هو الحفاظ على الأرشيف الوطني بما في ذلك المتاحف العامة والمكتبات العامة والمعارض الفنية وتنظيم إدارتها داخلياً وخارجياً. كما أن إنشاء مجالس للفنون وتفعيل الأنشطة الترفيهية والثقافية وتقديم الدعم والتمويل للمؤسسات الفنية والفنيين للمشاركة في المعارض الدولية لإبراز هوية الدولة في المحافل الدولية هي من صميم عمل وزارة الثقافة.

وفي بعض البلدان، مثل إسكتلندا يكون وزير الثقافة مسؤولاً أيضاً عن الشؤون الخارجية، حيث ترتبط الثقافة بالخارجية في وزارة واحدة؛ نظراً لأهمية الثقافة وضرورة إبراز هوية البلد أمام البلدان الخارجية، وتعزيز صورة هوية الدولة الثقافية.

وفي هنغاريا وإيسلندا وإندونيسيا ترتبط وزارة الثقافة بوزارة التعليم، وهو ما يثبت أهمية الثقافة لدى تلك الدول المتقدمة. وفي كثير من البلدان تندرج تحت وزارة الثقافة قضايا الشباب والرياضة والسياحة.

وفي الصين وفرنسا هناك وزارتان ثقافيتان مستقلتان، وتحظيان بدعم كبير من أعلى سلطة في البلدين، وفي بريطانيا نظمت وزارة الثقافة والإعلام والرياضة الألعاب الأولمبية لعام 2012، وأنشئت برامج سياحية مصاحبة لإسعاد الزوار ومنحهم برنامجاً ثقافياً موازياً لتلك الألعاب الرياضية.

وفي كازاخستان تشرف وزارة الثقافة على السينما، فهي من تقرر نوعية الأفلام التي تعرض، كما تقدم الدعم للأفلام التي تعزز هوية البلد وتبرز ثقافتها في المحافل الدولية.

كما أن فرنسا وضعت هدفاً لجعل الثقافة متاحة للجميع، بعد أن كانت محتكرة من قبل النخب، ونجحت في تحقيق هذا الهدف، وباتت المتاحف الفرنسية مصدر دخل كبير للخزينة الفرنسية نظراً لضخامة عدد السياح الذين يزورون المتاحف، ونجحت فرنسا أيضاً في تعزيز ثقافتها بنقل تجربة متحاف اللوفر الشهيرة إلى العديد من البلدان، وقامت بالإشراف عليها، ووصلت تلك المتاحف إلى ولاية أتلانتا في أمريكا والعاصمة أبوظبي.

القرار الملكي الأخير بإنشاء وزارة الثقافة ربما يعد الأهم في تاريخ المملكة من الناحية الثقافية، حيث تعتبر السعودية مصدر أهم الديانات في العالم “الإسلام”، وتحتضن الحرمين الشريفين، وهي الأماكن المقدسة لجميع المسلمين باختلاف طوائفهم ولغاتهم، كما أن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقصصه البطولية مازالت حاضرة في المدينة المنورة، وهو ما يشكل موقعاً ثرياً ينبعي استغلاله جيداً.

أيضاً لدى السعودية كنز إستراتيجي سياحي متمثل بمدائن صالح، والتي وصفتها الصحافة العالمية بأهرام السعودية. وفي حال تم وضع الخطط الإستراتيجية المناسبة لهذه الوزارة فقد تدر على خزينة الدولة مليارات الدولارات، والتي باتت السعودية بحاجة إليها في ظل رغبتها بالابتعاد عن مداخيل النفط.

وفي المقابل هناك أسئلة أخرى مطروحة حول مصير هيئة الترفيه والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتي هي من مهام وزارة الثقافة في الدول المتقدمة؛ لذلك من المتوقع دمج هذه الهيئات تحت وزارة الثقافة الجديدة لتقليل الهدر المالي ومنع تضارب البرامج والقرارات والأنشطة، وهو الأمر الذي سيحول وزارة الثقافة إلى واحدة من أهم الوزارات السيادية والأكثر أهمية في المملكة العربية السعودية في العقود المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى