أخبار العالم

سفير كازاخستان الجديد لدى القاهرة: الارتباط التاريخى والانسجام الروحى بين البلدين له جذور عميقة

القاهرة – محمد سعد

أشاد عسكر جينيس، السفير فوق العادة والمفوض لجمهورية كازاخستان لدى جمهورية مصر العربية، بالعلاقات المصرية الكازاخية، معبرًا عن تقديره وفخره بالعلاقات الدبلوماسية والثنائية بين البلدين على مدار 33 عامًا.

وقال في تصريح خاص، إن هذا العام يصادف الذكرى الثالثة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين كازاخستان ومصر، مشيرًا إلى أن الارتباط التاريخي والانسجام الروحي بين البلدين له جذور عميقة للغاية.

وأضاف أن مصر كانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بسيادة كازاخستان وسرعان ما افتتحت سفارتها في بلادنا، كما تم افتتاح أول سفارة لكازاخستان في الدول العربية في القاهرة، واليوم أصبحت مصر شريكًا مهمًا لبلدنا في العالم العربي، مقدمًا خالص شكره لمن قدموا مساهمة لا تقدر بثمن في تعزيز التعاون الكازاخي المصري القائم على الثقة والاحترام المتبادلين.

وتابع أن شعب كازاخستان يكنّ احترامًا خاصًا للأرض المقدسة التي كانت على مدى قرون مركزًا للعلم والتعليم ومهد الحضارات، مؤكدًا أن اهتمامهم بتوسيع مجال التواصل والعلاقات الأخوية لم يتضاءل أبدًا، وقد أشار رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توقايف: “تعد مصر اليوم أحد الشركاء الرئيسيين لكازاخستان في العالم الإسلامي والعربي. وقد أقيم حوار سياسي بنّاء. تم إبرام العديد من المعاهدات والاتفاقيات الثنائية. نحن مستعدون للعمل معًا لتعزيز التعاون دون إبطاء هذه الوتيرة”.

وأكد أنه يعتزم تعميق العلاقات الودية الثنائية، مشيرًا إلى أنه من الواضح أن اهتمام رئيسي الدولتين بالحفاظ على الخيط الذهبي للتعاون وتعزيز علاقاتنا وتوافق المواقف حول القضايا الدولية والإقليمية سيعزز العلاقات بين البلدين.

ولفت إلى أن رغم بُعد المسافة بين البلدين إلا أن هناك قيمًا مشتركة تجمع البلدين، حيث أن الحاكم المجيد والشخصية التاريخية التي ساهمت في ازدهار العالم الإسلامي – السلطان بيبرس، والعالم الشهير أبو ناصر الفارابي هما فخرنا المشترك، وأحد المواقع التاريخية الهامة في القاهرة، المسجد الذي يحمل اسم جدنا بيبرس، هو بمثابة رمز لصداقتنا.

وأشار إلى أن في يونيو 2023، كان الافتتاح الرسمي للمسجد، الذي تم تجديده بالكامل والذي تم توقيته ليتزامن مع الذكرى الـ800 لميلاد السلطان بيبرس، حدثًا بارزًا في تاريخ البلدين، وقد شارك في هذا الحدث رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان مولين أشيمبايف بتكليف من رئيس كازاخستان، مما عزز العلاقات الثقافية والروحية بين البلدين، وفي هذا الحدث الهام، تم تنظيم الأيام الثقافية لكازاخستان في مصر وأقيم حفل موسيقي بمشاركة فنانين بارزين من كازاخستان.

وأكد أن على مدار 33 عامًا من العلاقات الدبلوماسية تمكنت بلداننا من بناء شراكة متبادلة المنفعة قائمة على علاقات ودية قوية، وإقامة روابط اقتصادية وثقافية إنسانية مستدامة بين بلدينا.

وأشار إلى أن مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي يعقد في كازاخستان أصبح أحد الأشكال العالمية الرئيسية للحوار بين الحضارات الذي يهدف إلى السلام والوئام، لافتًا إلى أن مشاركة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بصفته رئيس وفد العالم الإسلامي وممثليه في هذا الحدث الهام أمر في غاية الأهمية، ومساهمة الممثلين الدينيين للبلدين في تنمية العالم الإسلامي وتطوير العلاقات الروحية بين الدول هائلة.

وقال إن حوالي 150 طالبًا من كازاخستان يدرسون اليوم في الجامعات المصرية، كما تعد جامعة “نور مبارك” المصرية للثقافة الإسلامية في ألماتي (منذ عام 2001) مشروعًا مشتركًا مهمًا بين البلدين في مجال التعليم، حيث تتيح للطلاب الكازاخستانيين الحصول على تعليم ديني مؤهل دون السفر إلى الخارج.

وأضاف أن أرض مصر هي المهد الذهبي للحضارة العالمية، فآثارها الثقافية والروحية منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، وتراثها الغني هى الكنز الثمين والثروة التي لا تقدر بثمن للبشرية، مشيرًا إلى أن من يريد أن ينغمس في الثقافة المصرية المليئة بالعجائب، ينتابه شعور خاص، وكأنه يستخرج حبات الذهب من جبال الرمال، وسيصل بالتأكيد إلى الكمال الروحي.

وتابع أن المسرح المصري دار الأوبرا المصرية يعد مركزًا للثقافة العريقة، ومعقلًا روحانيًا للعالم العربي، مشيرًا إلى أن الأعمال الفريدة من نوعها للفن الكازاخي معروضة هنا أمام الجمهور المحلي، إذ أن على سبيل المثال، وبمناسبة الذكرى الــ800 للسلطان بيبرس، قام مسرح الدراما الأكاديمي الكازاخي الذي يحمل اسم مخامبيت في منطقة أتيراو، بعرض أسطورة “بيباريس” للكاتب الكازاخي راخيمجان أوتاربايف في هذا المركز الثقافي.

وأشار إلى أن هذا التواصل الثقافي والتناغم الروحي بين البلدين يزداد تقاربًا وتناغمًا ثقافيًا وروحيًا، وأن الحياة الثقافية في مصر اليوم، والتي تنبع من الحضارة القديمة، معترف بها من قبل محبي الفن الراقي في العالم، إذ أن فنانون مثل المطربة المصرية صاحبة الموهبة الفريدة “نجمة الشرق” أم كلثوم، والمغني والملحن والممثل عمرو دياب، والممثل اللامع الشهير في صناعة السينما والتلفزيون والمطرب محمد ثروت مشهورون عالميًا.

ولفت إلى أن الشعب الكازاخستاني الذي سكن السهوب الشاسعة الكبرى، هو أيضًا صاحب تراث ثقافي ثري يشمل آلاف السنين من التاريخ الإبداعي وكنز الحضارة العالمية، مشيرًا إلى أن بلدهم الذي يحافظ مثل حدقة عينه على التراث الغني لنخبة الحضارة البدوية، لم يُحرم قط من المجموعات الفنية والفنانين المعترف بهم عالميًا، حيث أن اسم المغني الموهوب ديماش قودايبيرجين، الذي سار على خطى المغني أميري، الذي غنى ببراعة على مسرح باريس، معروف للعالم اليوم، وخلال الأيام الثقافية الكازاخستانية في مصر، قدم فنانون كازاخستانيون مشهورون مثل ألماصبيك ألماتوف، باتيرجان ميقتيبايف، عازفون منفردون في “أوبرا أستانا”، فرقة الرقص الوطنية “سلطانات”، “ألاشولي”، “سولو” في المركز الفني بالقاهرة وحظوا بدعم كبير من المجتمع المحلي، مؤكدًا أنهم على يقين من أن مثل هذه الصلات الثقافية والروحية التي من شأنها أن تعزز التعاون بين البلدين ستستمر وتتسع في المستقبل.

وقال إن حجم التبادل التجاري الثنائي بين كازاخستان ومصر يشهد نموًا سريعًا، ففي عام 2024 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 274 مليون دولار أمريكي. بما في ذلك وصل الصادرات 137.2 مليون دولار أمريكي والاستيراد – 136.7 مليون دولار أمريكي. ويمثل هذا المؤشر وحده زيادة بنحو 1.7 مرة مقارنة بعام 2023 (161.2 مليون دولار أمريكي).

وأضاف أن بطبيعة الحال، هناك إمكانات كبيرة لكلا الجانبين لتحقيق مؤشرات أعلى وتطوير العلاقات الاقتصادية وإنشاء مشاريع مشتركة والقيام باستثمارات وفيرة، مشيرًا إلى أن من أجل دعم الزخم الإيجابي للتجارة المتبادلة والاتجاهات المذكورة، فإن عقد الدورة السادسة للجنة الحكومية الدولية للتعاون الاقتصادي والعلمي التقني بين جمهورية كازاخستان وجمهورية مصر العربية في أستانا في المستقبل القريب يعد أحد القضايا المهمة على جدول أعمال الجانبين.

وتابع أنه من المقرر عقد الاجتماع في المستقبل القريب واستكماله بوثائق وفعاليات مهمة. وهكذا، يتم بالفعل تنفيذ أعمال التوقيع على المستوى الحكومي الدولي والمشترك بين الإدارات في مجالات التجارة والصناعة ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والسياحة وحرية حركة القوى العاملة والرعاية الصحية والعلوم الطبية والثقافة والرياضة وشؤون الشباب.

وقال إن مع الأخذ في الاعتبار إنجازات مصر في مجال الاستثمار والتطور الديناميكي للتصنيع في عدد من القطاعات، فمن المتصور أن يتم توجيه جهودنا إلى مشاريع مشتركة لإنتاج مختلف المنتجات عالية القيمة، مشيرًا إلى أنه يجرى حاليًا النظر في إنشاء العديد من المصانع والمنشآت الصناعية المتوسطة والصغيرة في كازاخستان مع ممثلي الشركات المصرية الكبرى.

وأضاف أنه من المقرر أيضًا التوقيع على اتفاقية ثنائية بشأن إلغاء الازدواج الضريبي. وفي المقابل، فإن مثل هذه الوثيقة أمر أساسي لتحقيق أهدافنا المستقبلية، مما يعطي دفعة حاسمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين بلدينا، وتوسيع نطاق الأنشطة، وتهيئة الظروف المواتية للاستثمار، مشيرًا إلى أن في المستقبل، ستخلق مثل هذه الوثيقة بلا شك الظروف الملائمة لتبادل المعلومات حول القضايا الضريبية، ومنع التهرب الضريبي، وإلغاء الازدواج الضريبي على الدخل للكيانات القانونية والأفراد.

وقال إن السياحة اليوم أصبحت الاتجاه الرئيسي للتفاعل بين البلدين، مشيرًا إلى أن مصر تعتبر بما تتمتع به من معالم طبيعية وتاريخية فريدة من نوعها، إحدى الوجهات الأكثر شعبية للسياح الكازاخستانيين.

وأضاف أن الطلب على وجهات العطلات على البحر الأحمر يزداد بشكل خاص، ومع أخذ هذه الحاجة بعين الاعتبار، يتم بذل الجهود لزيادة النقل الجوي بين البلدين.

وتابع أن نتيجة للمفاوضات التي جرت بين قيادات صناعة الطيران في البلدين في مايو من العام الماضي، اتفق الطرفان على زيادة إجمالي عدد الرحلات الجوية المسموح بها بين البلدين من 14 إلى 48 رحلة أسبوعيًا، بالإضافة إلى ذلك، زاد عدد شركات الطيران المعينة، كما أنه يتم تسيير رحلات جوية مباشرة إلى مدينة شرم الشيخ السياحية الشهيرة في مصر من مدن كازاخستان، وبعد ذلك فإن ربط عواصم بلداننا باستخدام إمكانيات مصر للطيران يعد مبادرة جيدة.

وقال إن كازاخستان توفر للسياح المصريين فرصًا فريدة للترفيه والسفر، حيث أن الجبال والبحيرات والصحاري في أرض كازاخستان تجذب اهتمام السياح الأجانب، مشيرًا إلى أن كازاخستان تولي اهتمامًا خاصًا بالتنمية النشطة للسياحة البيئية والسياحة العرقية وسياحة الأعمال وغيرها من المجالات.

وأضاف أن الشعب الكازاخي لديه مثل جيد يقول: “العمل الودي يساوي أكثر من ألف كلمة عن الصداقة”، مؤكدًا أن مما لا شك فيه أن كلا الجانبين مهتمان بتعزيز سلامنا الذي لا يتزعزع وصداقتنا التي لا تنفصل.

وأشار إلى أن الأهداف والخطط المطروحة للارتقاء بالعلاقات بين كازاخستان ومصر إلى مستوى جديد واسعة النطاق، وفي الوقت نفسه، فإنه على قناعة بأن شراكتهما في صيغ ثنائية ومتعددة الأطراف لصالح شعبهما وفي المستقبل سوف تستمر وتتطور بشكل ديناميكي بدعم من البلدين، مؤكدًا أنه وأعضاء السفارة مستعدون لبذل كل جهد ممكن لتحقيقها.

الجدير بالذكر أن عسكر جينيس، سفير جمهورية كازاخستان الجديد لدى مصر، قدم، الإثنين 24 مارس الجاري، أوراق اعتماده إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقصر الاتحادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى