جيه إل إل: السعودية تقود نشاط البناء العالمي بمشاريع مستقبلية بقيمة 1.5 تريليون دولار
كشفت “جيه إل إل”، شركة الاستشارات والاستثمارات العقارية الرائدة عالمياً، عن أحدث تقاريرها حول أداء سوق الإنشاءات السعودي خلال الربع الأول من عام 2024. وأشار التقرير إلى أن التقدم الذي أحرزته المملكة في العديد من المشاريع الضخمة ضمن رؤية 2030 ومشاريع تطوير البنية التحتية قبل معرض إكسبو 2030 القادم، قد ساهم في تعزيز مكانة المملكة وريادتها في نشاط البناء على الصعيدين الإقليمي والعالمي، متوقعاً نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1% في عام 2024 و5.9% في عام 2025.
وكشف التقرير، الذي استند إلى المعلومات التي تم جمعها من مجلة “ميد للمشاريع”، أنه مع وجود مشاريع بناء مستقبلية لم تتم ترسيتها بقيمة 1.5 تريليون دولار، تستحوذ المملكة على حصة الأسد (39%) من إجمالي قيمة المشاريع المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغة 3.9 تريليون دولار. وضمن المشاريع المستقبلية في المملكة، يمثل قطاع البناء (الأصول) 950 مليار دولار (62%)، في حين يمثل النقل والبنية التحتية والمرافق الأخرى 582 مليار دولار (38%).
ونقلاً عن تقرير مرصد البناء العالمي التابع للمعهد الملكي للمساحين القانونيين (RICS)، لاحظت “جيه إل إل” التوسع القوي في قطاع البناء في السعودية، والذي يتضح من خلال المسار التصاعدي لمؤشر نشاط البناء في الربع الأخير من عام 2023. وقد أدى وجود مجموعة قوية من الفرص ذات القيمة العالية إلى ازدهار سوق المشاريع في المنطقة فضلاً عن مساهمة أهداف المملكة للتنويع الاقتصادي في تعزيز مكانتها الرائدة وتصدر المشهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار التقرير إلى أنه رغم استمرار التحديات العالمية، مثل التضخم المستمر وارتفاع أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية، في الربع الأول من عام 2024، والتأثير المحتمل للانتخابات الرئاسية الأمريكية في الربع الثاني، تحتفظ “جيه إل إل” بنظرة مستقبلية إيجابية للمملكة العربية السعودية. وبحسب مجلة “ميد للمشاريع”، سجل قطاع البناء والتشييد السعودي المزدهر أعلى قيمة للمشاريع التي تمت ترسيتها في عام 2023، لتصل إلى 97 مليار دولار مقارنة بـ 60 ملياراً في عام 2022. وتماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 للتنويع الاقتصادي والاستثمار، تمثل هذه القيمة 6% فقط من إجمالي المشاريع المحتملة، ما يسلط الضوء على الفرص الكبيرة المتاحة داخل هذا القطاع.
وقالت لورا مورغان، رئيسة معلومات السوق في الشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة “جيه إل إل”: “لقد ساهم النمو الاقتصادي وزيادة السكان والتحديث الذي تشهده المملكة في جعلها الدولة الأكثر نشاطاً في سوق البناء في الشرق الأوسط، حيث تصدر القطاع العقاري سوق المشاريع في المملكة في عام 2023. وتعكس المرونة المذهلة للقطاع في مواجهة التحديات العالمية وحالات عدم اليقين نجاح استراتيجيات التنويع الاقتصادي التي تتبناها المملكة. ومع التطور المستمر لديناميكيات السوق، لا يمكن استبعاد تأثير تكاليف البناء على النمو القوي للقطاع، كما أن قيود السوق الأخرى مثل نقص العمالة الماهرة، وتوافر الموارد، ونشاط السوق المحموم يمكن أن تضع ضغوطاً لا داعي لها على نشاط البناء في المملكة”.
ووفقاً لبنك الرياض، فإن النمو الإجمالي الذي شهدته المملكة في الربع الأول من العام 2024، عائد إلى ظروف الطلب المحلي القوية وزيادة النشاط التجاري مدفوعاً بارتفاع الطلبيات الجديدة والتحسن الكبير في الاقتصاد غير النفطي. ووصلت جهود المملكة المستمرة للتنويع الاقتصادي إلى علامة فارقة جديدة في العام الماضي عندما استأثرت الأنشطة غير النفطية بحوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، متجاوزة مساهمة الأنشطة النفطية (33%). وسجلت السياحة، التي تساهم بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، أداءً قوياً في عام 2023، حيث بلغ إنفاق السياح المحليين والدوليين 66 مليار دولار، بينما ظل قطاعا الترفيه والضيافة مهيمنين في قطاع البناء، حيث استحوذا على 4 مليارات دولار، أو 23%، من القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها في الربع الأول من عام 2024.
وانخفض مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات، والذي يقيس الاتجاه السائد للاتجاهات الاقتصادية في التصنيع والخدمات، بشكل طفيف إلى 57.0 في مارس 2024 من 57.2 في الشهر السابق. وكان الانخفاض في مستويات التوظيف واضحاً أيضاً حيث سعت شركات البناء إلى إدارة التكاليف والتدفقات النقدية في الربع الأول من عام 2024.
ويشكل استمرار النقص في المهنيين المهرة والعمالة العامة لمواكبة وتيرة البناء أهمية كبيرة في المملكة. وفي الوقت نفسه، حدد تقرير مرصد البناء العالمي التابع للمعهد الملكي للمساحين القانونيين (RICS) سوقاً محموماً يمارس الضغط على سلاسل التوريد، وتوافر الموارد، والجداول الزمنية للمشاريع، ما يؤدي إلى المزيد من الزيادات في الأسعار. وحدد تقرير “جيه إل إل” العديد من العوامل التي تؤثر على تقلب تكاليف البناء بما في ذلك الرياح الاقتصادية العالمية المعاكسة، والقيود على القدرات في السوق المحلي، وارتفاع تكاليف الشحن، وتصاعد أسعار الفائدة.
ويتوقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط أسعار النفط 81 دولاراً للبرميل في عامي 2024 و2025، انخفاضاً من 90 دولاراً للبرميل بنهاية الربع الثالث من عام 2023، ويتوقع انخفاضاً بنسبة 5% في أسعار المعادن الأساسية لعام 2024. وقد أقرت شركة “جيه إل إل” بالتأثير الكبير لصدمات السوق المتعلقة بالشحن والنقل بسبب اعتماد القطاع على المواد المستوردة، علماً بأن “مؤشر دروري العالمي للحاويات” ارتفع من 1800 دولار لكل حاوية قياس 40 قدماً في مارس 2023 إلى أكثر من 3000 دولار في مارس 2024.
ورغم الاضطرابات الأخيرة وتحديات التوريدات، يكشف تحليل “جيه إل إل” عن استقرار في توافر المواد في الربع الأول من عام 2024. ورغم أنه ما زال هناك اعتماد كبير على المواد المستوردة مثل الزجاج وأنظمة الواجهات والأخشاب في الأسواق المحلية والإقليمية، فإن التوقعات على المدى المتوسط والطويل تشير إلى حدوث تحسينات في قدرات التصنيع المحلية، الناجمة عن الطلب الناتج عن المشاريع الكبرى في السعودية.