.مهارات تقرير المصير وعلاقتها بالانتقال لمرحلة ما بعد المدرسة
بقلم ــ مرزوق بن علي الزهراني
يعٌرّف تقرير المصير بأنه سلسلة واسعة من المهارات والمعتقدات والمواقف، بما فيها معرفة الذات وتحديد الأفضليات والقيام بخيارات ورسم الأهداف، فضلاً عن وضع خطط عمل وتطبيقها لبلوغ الأهداف وحّل المشكلات والترويج للنفس واستخلاص العبر من النجاحات والإخفاقات. ويعد فهم المرء لنقاط القوة التي يمتلكها وأوجه القصور التي يعاني منها بالتزامن مع اعتقاده بقوته وفعاليته من الجوانب الضرورية لتقرير المصير.
وبناءً على نتائج الدراسات و الأبحاث التي أجريت في هذا المجال، يمكننا أن نستنتج أنه من الممكن تدريس مهارات تقرير المصير للطلاب، لكون تعلم هذه المهارات سيؤثر حتما على مستوى قدراتهم في تحديد مصيرهم. كما أن لهذا تأثيراً إيجابياً على النتائج التعليمية والمهنية المستقبلية. وقد بينت الأبحاث أيضاً أن تعزيز تقريرالمصير يمكن أن يكون له تأثير كبيرعلى حياة المراهقين والشباب، إذ تظهر أهمية تقرير المصير من خلال ردود الأفعال الإيجابية والتغذية الراجعة الواردة من قبل الأفراد الذين لديهم إعاقات وأسرهم أيضاً. وعلاوة على ذلك، فإن من المعروف علميًا أن قدرة الفرد على تقرير مصيره تتطور عبر مراحل حياته، من الطفولة إلى الشباب وصولاً إلى سن الرشد. كما يوجد فرص كبيرة لتعلم وتطوير مهارات تقرير المصير على إمتداد هذه المراحل، وربما تتغير الاستراتيجيات والأساليب التي يُعلَّم بها هذا السلوك، بالإضافة إلى تغير الفرص المتاحة مع مرور الوقت. لذلك، يجب أن نشير إلى أهمية بناء تقريرالمصير منذ مراحل مبكرة، بدلاً من انتظار وصول الطلاب إلى المراحل المتقدمة في التعليم. ويعد تعزيزتقريرالمصير مهمًا بشكل خاص في سياق التخطيط للإنتقال لأنه خلال هذه الفترة يشارك الأفراد وأسرهم بنشاط وبشكل كبير في تخطيط الانتقال من الحياة المدرسية الأكاديمية إلى حياة البالغين (أي حياة ما بعد المدرسة). وفي هذا الصدد، أكدت التعديلات الأخيرة التي أجريت على قانون تحسين التعليم للأفراد الذين لديهم إعاقات لسنة (٢٠٠٤م)، على أهمية مهارات تقرير المصير في نجاح عمليات التخطيط لعمليات الانتقال. وقد تم تعريف الخدمات الانتقالية وفقا لهذا القانون؛ على اعتبارها مجموعة من الأنشطة المنسقة والمصممة لتحقيق نتائج محددة. وتركز هذه الخدمات على تحسين التحصيل الدراسي والوظيفي للأطفال الذين لديهم إعاقات لتسهيل انتقالهم من الحياة المدرسية إلى مراحل حياتية متنوعة فيما بعد المدرسة، مثل: التعليم الجامعي، التعليم المهني، ومجالات التوظيف. وقد شدد ذلك القانون على أهمية تقديم تلك الخدمات استنادًا إلى الاحتياجات الفردية للأطفال الذين لديهم إعاقات، مع ضرورة مراعاة قدراتهم وتفضيلاتهم واهتماماتهم. كما أكد أيضا، على أنه من الضروري أن تتضمن تلك الأنشطة الخدمات التعليمية وما يتعلق بها، بالإضافة إلى الخبرات المجتمعية وتطوير أهداف التوظيف وغيرها من أهداف حياة الكبار في مرحلة ما بعد الدراسة، وعندما يكون الوقت مناسباً، سيصبح الطفل مؤهلا لاكتساب مهارات الحياة اليومية والتقييم المهني الوظيفي.
هذا، وقد أشار قانون تحسين التعليم للأفراد الذين لديهم إعاقات، عند تناوله خدمات الانتقال إلى أهمية التركيز على قوى الطالب، وتفضيلاته، واهتماماته، ورغباته، مؤكدا على ضرورة أن تكون تلك القوى والتفضيلات والرغبات العامل الرئيس في تحديد الأنشطة لما بعد الدراسة، وأيضا في اختيار التعليم والخدمات المرتبطة بها. وتأسيساً على ما سبق، فإن تلبية احتياجات الطلاب يعد عاملا أساسيًا تهدف وتعمل خدمات الانتقال إلى تحقيقه بل إن تعزيز مهارات تقريرالمصير يعد عنصرًا مهمًا في نجاح خدمات الانتقال وفاعلية برامجها التي تهدف إلى انتقال الطلاب لمرحلة ما بعد المدرسة.