مقالات وكتاب

متحف قبائل زهران التاريخي

بقلم ــ مرزوق بن علي الزهراني

 

تعد منطقة الباحة من إحدى المناطق التاريخية والثقافية الهامة في المملكة العربية السعودية. يعود تاريخ هذه المنطقة إلى آلاف من السنين، وتضم هذه المنطقة العديد من المعالم والأماكن التاريخية الهامة. وتلعب المتاحف التاريخية دوراً رئيسياً في الحفاظ على التراث الثقافي للمنطقة وزيادة الوعي الثقافي لدى أبناء المجتمع مما يشجع على البحث العلمي.
ومن بين المعالم التاريخية والثقافية الهامة في المنطقة يأتي متحف “قبائل زهران” بقرية وادي الصدر، التابعة لقبيلة “بني حسن” بزهران شمال مدينة الباحة- التي تقع في جنوب غرب المملكة العربية السعودية-. وُيعتبر هذا المتحف مرجعاً هاما لفهم تاريخ وثقافة المنطقة بشكل خاص، وقد تأسس هذا المتحف بجهود شخصية من قبل الشيخ “أحمد بن عمر الزهراني”- (المكنى بقروش) -، وهو أحد الشخصيات المرموقة في مجال التراث والثقافة في المملكة العربية السعودية.
ويعد متحف “قبائل زهران” جسراً ثقافياً يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، كما يشكل معلماً متخصصاً يُعتبر الأكبر في المنطقة، فيبرز من خلاله تاريخ قبائل زهران وآثارها العميقة، ويقدم المتحف عرضاً تاريخيا متسلسلاً لجميع مقتنياته، ويعكس هوية القبيلة الثقافية وحضارتها. فيستقبل المتحف وفوداً من داخل المنطقة وخارجها لاكتشاف تاريخ المنطقة والاطلاع على أثارها التاريخية الثمينة.
ويعتبر متحف “قبائل زهران ” وجهة سياحية هامة في منطقة الباحة، حيث يضم العديد من المعروضات التاريخية والثقافية التي تعكس تاريخ المنطقة وتراثها الغني؛ وتتنوع المعروضات في المتحف بين الأدوات والمجوهرات والملابس واللوحات والأعمال الفنية. كما يحتوي المتحف على مجموعة من المخطوطات القديمة والوثائق التاريخية التي تحكي الروايات القديمة عن تاريخ المنطقة وثقافتها. ويضم المتحف مجموعة من الأسلحة القديمة ومن بينها المدافع التي تم الاستيلاء عليها كغنائم حرب إبان حروب المنطقة مع فلول العثمانيين – بقيادة مجموعة من الشيوخ والفرسان الأفذاذ من امثال الشيخ “راشد بن رقوش” شيخ زهران وحكيمها والذي خطط وأشرف وقاد الكثير من المعارك ضد العثمانيين، حتى تقيض لهم النصر في نهاية المطاف. والشيخ “عصيدان بن محمد، ١٢٥٣-١٣٥٣هــ”، شيخ قبيلة بني حسن الذي كان له صولات وجولات إبان الحروب المتتابعة ضد الغزاة، وقد قاد المعركة الفاصلة ضد القوات العثمانية، والتي انطلقت شرارتها حينما امتنعت قبيلة بني حسن بالتزامن مع امتناع قبيلة بالخزمر عن دفع الإتاوات للعثمانيين، مما دفع والي الدولة العثمانية في مصر” محمد على باشا ” إلى أرسال حملة عسكرية كبرى تهدف إلى إجبار قبائل زهران على التبعية ودفع الإتاوات والضرائب، فما كان من رجال القبيلة الا أن وحدوا كلمتهم ونظموا صفوفهم لتلك المواجهة المرتقبة.
وبالفعل اقيمت المعركة الكبرى بين الخصمان في قرية شبرقه عام ١٣٢١هـ، وتحقق فيها النصر بفضل الله لقبائل زهران، فكان ذلك بمثابة الإعلان الرسمي لمغادرة القوات العثمانية الغاشمة للمنطقة. وهناك وزير إعلام القبيلة وسلاحها الفتاك الشاعر الفارس “محمد بن ثامرة” الذي شارك بذراعه ولسانه في جميع غزوات وحروب المنطقة. ومن الرموز أيضا الفارس البطل سعيد بن محمد الخزمري (قرية رسباء)، الذي كان له العديد من المشاركات البطولية في المعارك التي خاضتها القبيلة ضد القوات العثمانية، ومنها معركة شبرقة المذكورة أنفا.
وقبل ذلك، قاد الأمير الفارس القائد” بخروش بن علاس الزهراني،١١٧٠-١٢٣٠هــ” تحت لواء الدولة السعودية الأولى قبائل غامد وزهران في مواجهات متعددة مع القوات العثمانية وانتصر عليهم في مجموعة من المعارك الكبرى والفاصلة، حتى استشهد عام ١٢٣٠هـ بعد أن تم حصاره في قلعته حتى تم أسره، ومن ثم استشهاده. كان ذلك في إعقاب هزيمة القوات السعودية في معركة “بسل، ١٢٢٩هــ” التي تولى قيادتها الأمير فيصل بن سعود الكبير، وشارك فيها البطل بخروش كقائد ميداني إلى جانب العديد من القادة الميدانين الاخرين من ابطال قبائل الجزيرة العربية ومنهم، القائد طامي بن شعيب المتحمي والقائد غصاب العتيبي وغيرهم-.
كما يضم المتحف مجموعة كبيرة من البنادق والسيوف والخناجر والرماح والمسدسات بمختلف أنواعها. كما يحتوي المتحف على مجموعة واسعة من الأدوات الحجرية والمجوهرات القديمة، وعدة لوحات تصور ملامح الحضارة القديمة. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي المتحف على مجموعة من الصور الشخصية لبعض أعلام المنطقة ورموزها في العصور الماضية. وتضيف هذه المعروضات قيمة تاريخية فريدة وتجذب الزوار من مختلف أنحاء المملكة للاطلاع على ماضي المنطقة وتراثها والوقوف على اهم مقتنيات المتحف التاريخية الثمينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى