مال واعمال

جائزة زايد للإستدامة تسهم في رسم الطريق لمستقبل مستدام في الشرق الأوسط

يمثل أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يعقد في الرياض فرصة لدفع العمل المناخي

سيشهد مؤتمر الدول الأطراف (COP28) الذي سيعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة قبل نهاية العام اجتماع صناع السياسات العالميين لإجراء أول تقييم عالمي للتقدم المحرز في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، مما يمهد الطريق لإحداث تغيير حاسم من شأنه أن يسهم في بناء مستقبل يتسم بمستويات استدامة أعلى بشكل ملحوظ.

وتزامناً مع اقتراب حلول المؤتمر في شهر ديسمبر، يمثل أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يعقد في الفترة من 8 إلى 12 أكتوبر 2023 في الرياض بالمملكة العربية السعودية، فرصة لدفع العمل المناخي من خلال تسليط الضوء على المكتسبات التي تم تحقيقها من الحلول المستدامة حتى الآن والاستفادة من التحديات وتحويلها إلى فرص.

ويتيح الحدث فرصة لحشد الموارد لدعم المبادرات الحيوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تبذل جهوداً ملموسة بالفعل لمعالجة ندرة المياه وتحسين الوصول إلى الطاقة وما إلى ذلك من التحديات الناجمة عن تغير المناخ، وغالباً ما تسخّر التقنيات الحديثة في حلولها المبتكرة.

إقرا أيضا….مؤسسة الإمارات للآداب تدعو الطلبة للمشاركة في مسابقتين ثقافيتين شيّقتين: كأس القراء والشعر للجميع

ومن الأمثلة الشاهدة على تلك المبادرات “نيوروتك”، وهي شركة صغيرة تتخذ من الأردن مقراً لها. وقد طورت الشركة خوارزميات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتوفير طاقة موثوقة لمخيمات اللاجئين في البلاد لتحسين جودة حياة الأشخاص في المجتمعات الأكثر ضعفاً. ونجحت الشركة بتوفير الطاقة لأكثر من 10,000 لاجئ سوري حتى الآن.

وبالإضافة إلى توفير طاقة موثوقة وميسورة التكلفة، توفر الشركة أدوات متطورة لإدارة الطاقة من أجل تخفيف الضغط عن نظام الكهرباء المحلي المفتقر إلى الكفاءة عبر تحسين التوزيع العادل للطاقة. وقد ساعد ذلك في تخفيف الضغط عن قسم أمراض الجهاز التنفسي في مستشفى المخيم بفضل توفر الكهرباء على مدار الساعة، مما أتاح للمرضى الحصول على رعاية صحية موثوقة لعلاج حالات الطوارئ والأمراض المزمنة على حد سواء.

من الزراعة المائية إلى مصابيح الإنارة الطرقية الذكية

بالانتقال إلى مثال آخر، ابتكر طلاب مدرسة الطلبة الموهوبين في العراق حلاً خاصاً بهم لخفض الانبعاثات وترشيد استهلاك المياه وتوفير وجبات غداء مدرسية مستدامة. ويهدف مشروعهم إلى تطوير دفيئة مائية تتيح زراعة الأغذية فيها طوال العام، ويتم التحكم بها من خلال خلايا تبريد سيللولوزية تستخدم مياهاً من مصدر مستدام مثل المياه الجوفية وتعتمد على الشفاطات الهوائية، مما يحد من استهلاك المياه المستخدمة في عملية الزراعة. وستوفر الألواح الشمسية الطاقة لوحدات التحكم بدرجة الحرارة في الدفيئة، مما يضمن خفض البصمة الكربونية إلى الحد الأدنى. بالإضافة إلى ذلك، سيقوم الطلاب بإعداد المحاليل الغذائية من المواد الخام، لتفادي التحديات الناجمة عن الافتقار إلى حلول الزراعة المائية وارتفاع تكلفتها في العراق. ومن المتوقع أن يسهم مشروعهم في تقليل استهلاك المياه بمقدار 532 ألف لتر كل عام والحد من انبعاثات الكربون بمقدار 255 طناً على مدى ثلاث سنوات.

ومع استمرار ظهور حلول مستدامة جديدة من هذا النوع كل عام، فقد نشطت بعض الشركات في هذا المجال لفترة طويلة، ومن بينها شركة “سونا ديزاين” التي تأسست في عام 2011. وتتخصص هذه الشركة بتصميم وإنتاج مصابيح ذكية لإنارة الطرق بالطاقة الشمسية ضمن المناطق الريفية في البلدان النامية. وقد قامت حتى الآن بتركيب أكثر من 12 ألف مصباح شمسي في 40 دولة، بما في ذلك أفريقيا وبعض مناطق الشرق الأوسط والهند. وتتميز مصابيحها بمستويات مرونة عالية في تحمل درجات الحرارة العالية بفضل اعتمادها على بطاريات هيدريد معدنية مصنوعة من النيكل، مما يجعلها مثالية للمناطق الجغرافية النائية ذات الظروف المناخية القاسية. وتعمل الشركة أيضاً مع شركاء محليين لضمان استفادة المجتمعات بأفضل الطرق الممكنة.

تأثير ممتد ومستمر

تعتبر مثل هذه المشاريع مثالاً شاهداً على إمكانية تطبيق الحلول المؤثرة في كل مكان وتحت أي ظرف. وقد أحدثت المشاريع الثلاثة المذكورة آنفاَ تأثيراً إيجابياً كبيراً في مجتمعاتها المحلية على المستويين البيئي والاجتماعي، وينبغي أن تكون بمثابة نماذج يحتذى بها لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف أنحاء المنطقة.

وقد سبق لتلك المشاريع الفوز بجائزة زايد للاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن فئاتهم المحددة. وتمكنوا من خلال الاستفادة من المبلغ المالي المقدم من الجائزة والترويج الذي حظيوا به عبر قنوات الجائزة من توسيع نطاق تأثير حلولهم وتعزيز مساعيهم لبناء مستقبل أفضل.

على سبيل المثال، استخدمت شركة “سونا ديزان” مبلغ الجائزة لإنشاء العديد من المشاريع عالية التأثير في دولتي الكاميرون وغابون، حيث قامت بتركيب مصابيح إنارة طرقية ذاتية التشغيل في قريتين وضمن مخيم للاجئين يأوي 25,000 شخص. كما ساعد التمويل والاعتراف الدولي الذي قدمته الجائزة الشركة على عقد مجموعة من الشراكات الاستراتيجية الجديدة وتوسيع قاعدة عملائها وتعزيز ثقة المساهمين فيها.

إقرا أيضا…..القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين الشريفين وولي العهد بمناسبة اليوم الوطني الـ 93

من ناحية أخرى، وظفت شركة “نيوروتك” مبلغ الجائزة في بناء شراكات جديدة وتوسيع نطاق عملها وتأثيرها. وقد قادت جهودها الرائدة إلى ابتكار حل مصمم لإدارة وتحسين الطاقة في المدارس، وتجري الشركة مناقشات مستمرة لنشر هذا الحل في مخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وإن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على أن المبادرات مثل جائزة زايد للاستدامة تعد أداة حيوية للارتقاء بالمشاريع الواعدة وتحفيز التغيير الإيجابي من خلال المساعدة على توسيع نطاق تأثير الحلول المستدامة. ولا بد للإشارة هنا إلى أن جائزة زايد للاستدامة أحدثت من خلال حلول الفائزين بها والبالغ عددهم 106 فائزين تأثيراً إيجابياً في حياة أكثر من 378 مليون شخص في 151 دولة.

وعلى نحو مماثل، يمكن لأسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يلعب دوراً حاسماً في دعم المبادرات المستدامة، ليس فقط على مستوى المنطقة، وإنما في جميع أنحاء العالم. وستوفر هذه الفعالية لصانعي السياسات والممارسين والشركات والمجتمع المدني منصة لمناقشة الحلول المناخية وتحديد العوائق التي يجب التغلب عليها والاستفادة من الفرص القائمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى