صَنـادِيـق مَنسِـيـة
بقلم:فرح ماسي
أجَرّبـت أن تكُـونَ منسِيًا مِن قِبَل شَخص ما؟
كـ صنـدوق تَمّ ركنَـهُ في طَرفِ المَخـزن مُغطَّـاة بالغُبـار مملـؤة بـ ذِكريات ولحظَـات ثمِيـنَة صنَعـتوها بـكل حُـب بعد انتِهَـاء مدة صَلاحِيّتـه.
أن تعُـود بعد غِياب طَـال مُدته ثُـمّ تعُـود لتَجـد أنّ مَكانك المُعتَـاد بينَ الأصدِقائـك قَـد اختَفى وهُـناكَ ما أخذَه بالفِعل! هَل هـذا هُو شعُـور أن تكُـونَ منسِيًا مِن قِبَل أشخَـاص اعتَدت عَلـيهم؟
عَائِـلة تمتلك أبناءً وفتـاة ، ثُمّ يُصبِحُـونَ يهتَمّـون بالفتيـان تاركـينَها تنظُـر إليـهم بـ صمت لا تستَطِيـع البَـوح بـ شَئ. لماذا؟ لأنّـهُم عَائِلتها آخِـرًا!
وماذا إن كـانوا كذلك؟ أليسَ هُناكَ حقّـها منهُـم؟
ما هُـو الشّـئ الذي فعَلتهُ لتستَحِـق أن تكُـونَ آخِـر اهتِمامـهم؟
أليسَ مِن العَدل أن تُعَامَل كإخوَتهـا؟
ولكـن بـ التفكِيـر من جِهَة أخـرى أن تكُـونَ مركُـونًا ومنسِيًا أمـرًا رائِعًا؟
أعنـي عـدم اهتِمام الأخَـرينَ بكَ ، وقِلّـة انتبَـاهُـم نحـوَك .. قد يكُـون ذلكَ مرِيحًـا! لن يُدققـوا فيما تفعَلـهُ أو ما تفعَـلهُ ، لن يجبِـروكَ على أن تفعَـل هذا أو تتـركَ هذا ، تَعِيـش بهـدوء تأكـل وتنـام. – أنـا يُعجِبـني هذا!! –
حتّى مـن المُمكـن إن رحـلت عنهُـم فجـأة لن يشعُـرون بـ النّقـص! لأنّـك كنت خَارِج الإطَـار بالفِـعل!!
شعُـور مُـؤلـم صَحيح؟ أن تعِـيش كـ شخـص لا يهتَـمّ بـهِ أحَد ، الأغلـب لن يقبَـل بـأن يعِيـش كـ طَرف غَيـر مرغُـوب بِـه.
قِصّـة اختَرعتُـها وأنا اكتُـب هذهِ…
فتَـاةٌ عَاشَـت كـ شخصٍ بلا رُوح ولا صَـوت ، كَانت الطّالبَـة التي يَخاف الآخـرين الاقتـراب مِنهـا .. تجلـس فِي آخِر الصَّـف بـ صمت تنظُـر إلى الخَـارج مِن خـلالِ النَّافِـذة.
مع مـرور الوَقـت نـسِي زُمـلاء صَفّـها أمر وجُـودها معـهم في نفـس الصَّف ، حـتّى وإن غَابـت عنـهم لا يسـأل عنـها أحَـد
والمَنـزل لا يُسـاعِـد أيضًا! ، والـدٌ بَـارِد لا يهتَم .. والـدة ليسَ لدَيـها الوَقت لـ ابنتِـها
حتّى أن ذات مَـرّة تفَاجأت والدَتُـها عندما مَرّت من جَانبِـها صَباحًا قَائِلـة ” هَـل كُنتِ حَيّـة؟! ” ، تألّـمت كثِيـرًا ولم يهتَـمّ بِها أحَـد.
أتـتها عِدّةُ مَـرات فِكرة أن تُنهـي حَياتـها وتتخَلّـص من جحَـيم كونَها عَاشت كـ شخص منسِـي مِن قِبَل الجَمِيـع رُبـما قَد يشعُـرونَ بـ وجودِها بعد أن ترحَـل بلا عَـودة.
ولكـن كان قرارها الأعظَـم أن ترحَـل إلى مكـانٍ تبـدأ بِها حَياتِها مُجَـددًا من البِدايَـة فِي بيئـة جَـديدة وأشخَـاص جُـدد.
وكان أفضَـل قرار فعَلـتهُ الفَتـاة حيثُ أصبحَـت تعِـيش مع بشَـر قد استشعَـروا قِيمتِهـا.
فقَـط لا تضغَـط عَلى نفسِـكَ لتُبَثـتَ لهُـم شَيئـا هُم أساسًا لن يهَتمُـوا بــهِ.
عِـش من أجـل نفسِـك وليسَ من أجـل الآخريـنَ ، نسبَـة لَفـت انتِباهـم لا تهُـم ، أنت أكـثرُ مِن ذلكَ بـ كثير لكـن ما يهُـم هُو معرِفَتُـك والعمَـل الجَـاد.