“خامس تعداد في تاريخ السعودية” تقني لأول مرة.. هنا خطوات “الصورة” والفوائد
تستعد الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، لإطلاق أعمال التعداد العام للسكان والمساكن 2022، في غضون الأشهر القليلة المُقبلة، حيث تولي قيادة المملكة اهتماماً كبيراً به، لجهة ارتباطه بمستهدفات رؤية المملكة 2030، ولما لنتائجه من أهمية بالغة في دعم متخذي القرارات في تطوير السياسات، والخطط التنموية، والخدمات العامة وإعداد المخططات العمرانية، وتوزيع الميزانية بين المناطق الإدارية المختلفة، وفقاً لاحتياجاتها الفعلية.
ويعتبر التعداد السكاني عملية شاملة تستهدف جمع وتصنيف وتقييم ونشر المعلومات المتعلقة بالمساكن وحصر جميع المواطنين الموجودين داخل وخارج المملكة والمقيمين داخلها والحصول على بياناتهم الديموغرافية مثل: الاسم والسن، والحالة الاقتصادية والاجتماعية، خلال فترة زمنية معينة؛ لذلك يعرف بعض الخبراء التعداد السكاني بأنه “(صورة) مجتمعية مُلتقطة بدقة ومن جميع الزوايا من أجل إبراز المتغيرات المتعددة والمستمرة التي تطرأ على الشعوب لاستخدامها في العديد من الأغراض التخطيطية والتنموية والخدمية والاجتماعية، ورسم الخطط المستقبلية من خلال إعداد وتوجيه مشاريع التنمية”.
خامس تعداد
ويهدف تعداد السعودية 2022 إلى تجهيز إحصاء كاملٍ ودقيقٍ لعدد السكان وتوزيعهم الديموغرافي في أنحاء المملكة، ثم نشر هذا الإحصاء ليكون متاحًا لدى الجهات العامة والخاصة لإعداد مشاريعها التنموية في ضوء رؤية السعودية 2030، التي تستهدف العمل على تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين في السنوات المقبلة من خلال الخطط والبرامج التي تم إطلاقها في كل القطاعات لتوفير السكن المناسب والبنية الأساسية اللازمة لزيادة الطلب على الخدمات مع النمو السكاني وتوقعات ارتفاع الطلب على كل المنتجات والخدمات.
ويأتي تعداد السعودية 2022، كخامس تعداد في تاريخ المملكة؛ حيث نُفِّذ أول تعداد رسمي بمعناه الشامل في عام 1394هـ (1974م)، وكان التعداد الثانـي فـي عـام 1413هـ (1992م)، ثم أُجرِي التعداد الثالث في عام 1425هـ (2004م)، ويُعدُّ تعداد 1431هـ (2010م) الرابع في سلسلة التعدادات التي نفَّذتها الهيئة العامة للإحصاء، وقد بلغ إجمالي عـدد السكـان في هذا التعداد (27.136.977) نسمة.
فوائد متعددة
ونظراً للتحولات المتسارعة، التي شهدها العَقد الماضي فيما يتعلق بالتطورات التقنية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن الأنماط المعيشية والاستهلاكية، وما ترتب عن ذلك من تأثيرات مهمة، ستظهر نتائجها بالضرورة؛ في التعداد المُقبل، لذلك فإن تعداد السعودية 2022، يسعى إلى جمع معلومات تفصيلية شاملة من أجل قياس التغيرات التي طرأت على التركيبة السكانية بالمملكة حسب الجنس، والعمر، والأسر، ومعرفة ارتباطاتها المكانية حسب البلديات والمناطق، وغيرها من تقسيمات جغرافية أو وظيفية أو تخطيطية، بجانب التعرف على مناطق التركز السكاني حسب الجنسية والجنس والعمر وغيرها من المتغيرات الأُخرى، مع الأخذ في الاعتبار أهمية التعرف على التغير في الظروف السكنية، والمباني، ومنشآت الأعمال ونشاطها الاقتصادي، بهدف بناء أطر إحصائية حديثة تستخدم في إجراء المسوح الأسرية المتعلقة بقوة العمل والنشاط الاقتصادي، والصحة والتعليم وغيره.
وتكمن أهمية التعداد في كونه العملية الإحصائية الوحيدة التي تقوم بحصر شامل للسكان والمساكن، من أجل الحصول على معلومات بيانات تفصيلية تساعد الحكومة في تطوير الخدمات العامة كالتعليم والصحة وتحقيق الأهداف التنموية والتطويرية.
وبالإضافة إلى أهميته في دعم البحوث الأكاديميّة والأسواق التجاريّة، تسهم مؤشرات التعداد السكانيّ في تقدير الأهداف الإنمائية للألفية الخاصة بالدول، مثل التعرف على معدّلات الأمية والبطالة بين السكان، كما توفر نتائج التعداد البيانات الضرورية التي تساعد على تحليل وتقييم التغييرات الاقتصادية والاجتماعية؛ الأمر الذي يدعم الحكومة في ما يتعلق باتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة، فضلاً عن مساعدة القطاع الخاص في الحصول على معلومات عن حركة واتجاهات التجارة والأسواق ومعدلات الاستهلاك، وكذلك يوفر التعداد السكاني قاعدة إحصائية ملائمة لإجراء المقارنات والإسقاطات للبيانات الديموغرافية.
السكان والمساكن
بطبيعة الحال، لا تقتصر الحاجة إلى التعداد السكاني في الحصول على عدد السكان فقط، بل تستهدف تقديم بيانات مستدامة لتصبح العمود الفقري والهيكل الأساسي لسِجلات بيانات الإحصاء الوطنية؛ بحيث تتضمن بيانات الخصائص السكانية المرتبطة بالسكان مثل، تاريخ الميلاد، والجنسية، ومكان الإقامة الدائم، والجنس، واللغات، والعلاقة برب الأسرة، وبيانات التعليم المرتبطة بالقراءة والكتابة والتحصيل العلمي، وبيانات النقل كبلد الميلاد وبلد مولد الأبوين والإقامة في الخارج، وبيانات التوظيف من حيث الوظيفة والدخل الشهري والنشاط الاقتصادي وموقع العمل، وبيانات الحالة الصحية المتعلقة بوجود حالات صحية مزمنة، وبيانات الولادة والوفاة، بجانب بيانات الخصائص السكانية المرتبطة بالإسكان مثل نوع الوحدة السكنية، والملكية، وعدد الغرف، ومواد البناء، ومصدر التيار الكهربائي، ومصدر المياه الرئيسي وإمكانية الوصول للإنترنت.
يشار إلى أن معظم دول العالم تُجري تِعدادًا شاملًا للسكان والمساكن كل عشر سنوات؛ بهدف توفير بيانات تفصيلية دقيقة عن السكان وتوزيعهم حسب أماكن إقامتهم، وخصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، كالمستوى التعليمي والمؤهلات العلمية الحاصلين عليها، والحالة الاقتصادية للأفراد، والمهن التي يزاولها المشتغلون، ونوع القطاع الاقتصادي الذي ينتمون إليه، والنشاط الاقتصادي للجهات التي يعملون بها.
خطة شاملة
وفي إطار التحضير لتنفيذ أعمال التعداد العام للسكان والمساكن 2022م نفّذت الهيئة العامة للإحصاء أعمال العد التجريبي، وذلك ابتداء من سبتمبر 2021م، وغطى ست مناطق شملت الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، عسير، المنطقة الشرقية، تبوك؛ من أجل اختبار استمارة التعداد، وتجريب أدوات العمل التي سوف تستخدمها في التعداد العام؛ مثل العد الذاتي وتعبئة نموذج الاستبانة إلكترونيًّا وكل ما يتعلق بالنموذج التشغيلي الخاص بها، وشمل ترقيم وحصر المباني، ومكوِّناتها من وحدات سكنية وأسر، إضافة إلى عدّ السكان والأفراد في التجمعات العمالية والمساكن العامة، والتعرف على خصائصهم الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
وتشمل مُخرجات التعداد الإحصائية؛ بجانب التوزيع الديموغرافي في أنحاء المملكة؛ مستوى دخل ومعيشة المواطنين، وحالتهم التعليمية، من أجل مساعدة صُناع القرار في اتخاذ قرارات مبنيَّة على أساس معلوماتي موثوق تسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية؛ فيما يتعلق بتطوير الخدمات العامة كالتعليم، والصحة، ووسائل النقل العام، وإعداد المُخططات العمرانية للمدن وتوزيع الميزانيات على المشاريع والمبادرات.
ويتم للمرة الأولى استخدام التقنيات الحديثة في تطبيق أعمال التعداد مثل الاستفادة من صور الأقمار الصناعية لضمان تغطية أشمل لمناطق المملكة، وتحديد المساكن غير المسجلة في العناوين الوطنية، وتطوير آلية جمع البيانات لتشمل العد الذاتي وهي وسيلة جديدة لجمع البيانات من خلال بوابة الهيئة المتاحة لجميع الأفراد، وتحديث استمارة التعداد لتخدم صناع القرار وذلك حسب أفضل الممارسات الدولية.