خطر الشائعات على الأمن والمجتمع
الشائعات مرض خطير، يهدد كيان أي أمة، في أمنها واقتصادها وتقدمها، كما يؤدي إلى هلاك الفرد وضياع المجتمع، وبخاصة في هذا العصر الذي تقدمت وتطورت فيه وسائل الاتصالات، فالشائعات أصبحت أكثر رواجاً وانتشاراً، وأبلغ خطراً.
والشائعة عبارة عن فكرة يتناقلها الناس من دون أن يكون لها سند أو مصدر موثوق به، وقد تكون خبراً مختلقاً يحتوي على جزء من الحقيقة و لها آثار سلبية على أمن الأفراد والمجتمع.
ومن الآثار التي تترتب على الشائعات ضياع الأمن والأمان في المجتمع، فإذا ضاع الأمن يكون المجتمع قد فقد عنصر الاستقرار والحياة الكريمة، وهما من أجلّ النعم، ففي الحديث:(من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) ، ولأهمية الأمن في المجتمع وضرورته كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في بداية كل شهر عربي عندما يهل الهلال، ويطالع في السماء فيقول: (اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربكَ الله) ولكن نعمة الأمن قد تضيع بسبب شائعة مغرضة
تسري في كيان الأمة فتفتته ، وتفرقه وتضيع وحدته، مما يترتب عليه ضعف المجتمع وضياع أمنه ، يقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) كما تؤدي الشائعات إلى انعدام الثقة بين أفراده، فإذا انعدمت الثقة بين أفراده، ضاع أمن المجتمع.
ومما يجب معرفته أن الشائعات ليست جريمة ضد الدين فقط بل هي جريمة ضد الوطن والمواطن وأمنه وأمانه، مما يؤدي إلى اضطراب المجتمع وانتشار الفوضى بين أفراده.
تعد الشائعة صورة من صور الإرهاب لأنها تؤدي إلى خلل في التوازن الاجتماعي، حيث انعدام الثقة، وانتشار الخوف بين الناس مما يسبب الهلع بين أفراد المجتمع ، وبالتالي زعزعة أركانه ومن ثم الشعور بعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي ومن ثم ضياع أمنهم وأمانهم.
فالشائعة المغرضة تهدد الإنسان في نفسه وماله واهله ، وتعد سبباً رئيساً في إضاعة الأمن والأمان في المجتمع، علاوة على تفريق وحدة المجتمع، فهي مطلب الفاسدين الذين يهدفون إلى إسقاط المؤسسات وضياع الأمم، وانتشار القتل، وقطع الطرق، وتضييع الحقوق.
ولذا على الأمة أن تفطن لمثل هذا المرض الخطير حتى لا يضيع أمنها، وحتى لا تُراق دماء أبنائها.
إن اخطر ما في الشائعات ترويع وتخويف الناس من قصص مفبركة، وبخاصة تلك التي تتعلق بالأمن الوطني والوضع الاقتصادي، وخلق حالة من عدم الثقة في المجتمع والتشكيك في المنجزات الوطنية والرموز الفكرية والسياسية والاقتصادية، والتي غالباً تظهر في غياب المعلومة الصحيحة، حيث يصبح المزاج العام قابلا ومهيئا لتصديق الشائعات، وبالتالي استغلال عواطف الناس في إحداث البلبلة والفتن، ولهذا على العقلاء أن لا ينجروا خلف الشائعات بل الواجب عليهم أن يتثبتوا من الأخبار قبل ترويجها حتى لا يتسببوا في خرق جدار الأمن وبالتالي قيادة المجتمع إلى الفوضى الخلاقة ومن ثم انفراط عقد الأمن يقول تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) ولهذا علينا مراقبة مروجي الشائعات والتبليغ عنهم ولاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية والفضائيات التي أصبح العديد منها مرتعاً خصباً لبث سموم الشائعات، ونشر الفتن التي يستغلها البعض في تنفيذ مأربه وأحقاده الشخصية ضد الوطن والمواطنين، ولكننا دائماً وأبداً نعول على الحس الأمني للمواطنين في التصدي للشائعات.