مرور الرياض شكرا
عندما نتحدث عن مدينة كالرياض الحبيبة ونتناول أي شأن مرتبط بها علينا أخذ الحيطة الحذر دائماً, لأنه لا يجوز ولا ينفع أن نتناول الأمور بشكل انتقائي أو غير كامل ولا أن نمر مرور الكرام , المدينة ليست فقط كبيرة بل آخذه في الاتساع والزيادة السكانية, لها ظروفها المناخية والمجتمعية والسياسية والأمنية الخاصة بها, نعم ليست وحدها كبيرة في هذا العالم لكن هذا لايمنع أن نتحدث عن خصوصيتها الثقافية والفكرية والمجتمعية والأمنية, وعلى سبيل المثال لا الحصر عند الحديث عن ملف المرور فيها فإن الأمر يحتاج إلى وقفة ذو فسحة كبيرة لنعطي الموضوع حقه ونمدح وننتقد والأهم أن نتوصل إلى حلول جذرية.
بداية حتماً علي أن أوجه تحية إلى ذلك الشاب المواطن عسكري المرور الواقف تحت أشعة الشمس اللاهبة ليقوم بعمله الموكل إليه, تحية إجلال وإكبار لهؤلاء الجنود المرابطين على أرض عاصمتهم الأغلى, ليقوموا بتنظيم المرور والمساهمة في أن يذهب كلٌ إلى مبتغاه.
الرياض يكفيك جولة واحدة فيها لتصل إلى قناعة أنك بحاجة إلى رجل مرور لكل مركبة ولكل دوار ولكل دخلة شارع, الثقافة المرورية شبه معدومة إن لم تكن فعلياً معدومة كلياً, مستوى إحترام الأنظمة والتعليمات متدني جداً إن لم يكن معدوماً أيضاً, وهذه حقيقة وليست مجرد جلد ذات أو محاولة لتبرير أمر معين, ولا نقول أن إدارة المرور كاملة لا يوجد ما تحتاج من تعديل وتصويب, لكن نقول أنها تتحمل جزءاً من المسؤولية التنظيمية الرقابية وهو جزء يعتمد أساساً على الجزء الآخر المتعلق بالناس , ما الذي يمنع سائق أي مركبة أن يقف على أي دوار ويعطي الأولوية لمن هو في داخل الدوار؟
ما الذي يمنع الداخل من شارع فرعي إلى رئيسي أن ينتظر قليلاً ويتريث؟
ما الذي يمنع من الإلتزام بالسرعات المحددة والمُعلن عنها على الطرق؟
ما الذي يجعلنا نتسابق على قطع الإشارة الحمراء فقط لأنه لا يوجد عليها ساهر؟
تتنوع مستويات الثقافة لدى السائقين وضغوطات الأزمات المرورية وضغوطات الوقت وحفريات المترو حالياً, كل هذا يجعل من الصعوبة بمكان أن نبدأ بعملية حل جذرية مؤقتاً على أقل تقدير,
في الرياض من 600 إلى 700 دورية مرورية يومياً تجوب الطرق والشوارع, لا نشعر بها لأنها مدينة متسعة ولأننا لا نقوم بإحصاء الدوريات كاملة, إدارة المرور هي المؤكد للإلتزام بالأنظمة والمراقبة على أرض الميدان, لكنها ليست جهة تشريعية بالتخصص البحت, وفي نفس الوقت لا يجوز إسقاط مواقف فردية أو سوء فهم قد يحدث بين المواطن وبين رجل المرور في وصف حالة أو الإبلاغ عن حادث على إدارة كاملة, الأمر حالياً يحتاج منا أن ننتظر ونصبر إلى حين الإنتهاء من حفريات المترو وقطار الرياض لتتضح الصورة نهائياً وتفتح الشوارع الرئيسية والفرعية, وأتمنى أن نُحبط الجهود وأن لا نكون طابوراً خامساً نبخس حق كل شيء.
معظم دول العالم الشبه مثالية أنت لا ترى رجل مرور فيها, لكن ترى حساً وطنياً والتزاماً أخلاقياً عالِ المستوى بالأنظمة والتعليمات,
لكن الأمر مختلف لدينا كلياً, لأنه عندما تُسقَط جزئية الإلتزام بالاخلاق بآداب وقواعد المرور فإنه من الطبيعي أن نبدأ بالبحث عن بديل والأولى هو رجل المرور, لا نبحث عنه لنعطيه حقه بل لننتقده وليكون الشماعة, لكن الصواب أن نقف معه ونتكاتف ونتعاون وأن نضرب بأنفسنا المثل الجيد, لنجرب أن نلتزم لنكتشف كم أضعنا على أنفسنا من وقت وجهد ومال وأرواح.