دموع المآذن
مدينة التوحيد تلك الفلسفة التي تحملها في طياتها على مدار الأزمان فلسفة تربط أهل الأرض بأهل السماء، نداء يشق بصوت رخيم سكون الليل ويصمت عند سماعه غوغاء النهار، إنها المئذنة علامة فارقة في حياة المسلمين، فلسفة كونية مرتبطة بوجودنا، دائما ما يعلوها صوت الحق ونداء التوحيد حينها نلملم صغائر بؤسنا ونبتسم لأنه لا شيء يعلو فوق قول المؤذن الله أكبر . نعم الله أكبر فلا حزن ولا قلق ولا عسر ولا قهر ولا خوف بل هي الراحة، “أرحنا بها يا بلال ” كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم لبلال أول مؤذن في الإسلام ؛ ليرفع نداء الحق سبحانه وتعالى وكما ذكرت الدكتورة ماجدة سعد الدين في كتابها المساجد مدائن التوحيد أن: “المسجد كتلة رائعة في فراغ الكون، تنطلق مئذنته تطلعًا و حبًا إلى الله، ليدور ثمة حوار ما بين السماوات والأرض ، أما عمارة المساجد فهي نداء إلى الواحد القهار؛ ذلك لأن المعمار نابض حي يسبح لله”. هنا نتأمل ما الذي أفسد هذا المعمار الكوني الرائع وما سبب بكائه هل هي عقوبة إلهية لنا عما اقترفته أيدينا أم هو نداء آخر من الله عز وجل لنرجع ونتوب ونتمسك بما تبقى لدينا من حبائل الدين الحنيف، إننا لا نقف كثيرا عند السبب؛ لأننا سوف نختلف وهي رحمة الله بنا في كل الأحوال حتى وإن كنا له عصاة، سبحانك ربي ما أرحمك، بل نتعلم من الدرس ونعي قيمته وقيمة النداء والصوت الذي يحمل عنا كل هموم الحياة. المآذن تبكي علينا وعلى أحوالنا فلا داعي للتصنع بأننا آسفون لغلق المساجد، المآذن تبكي علينا حين وجهنا سيوفنا في وجه بعضنا البعض، بكت المآذن حينما افترقنا ولم ندرك بأن الثعلب المكار منتظر سيأكل نعجة الحمقى إذا للنوم ما خلدوا. هل عندنا شك بأن الله رحيم بنا وأن الله لا يقدر لنا إلا الخير حتى وإن كان الشر بظاهره…. لذلك قم واعبد ربك حتى يأتيك اليقين … اعبد ربك في بيتك ولا تجعلوا بيوتكم مقابر ولا تتصنع البكاء فالمآذن تبكي على أحوالنا ولا تبكي على حالها.