«كورونا» يصل إلى أعتاب الكونغرس
توترت الأجواء وانتشر الخوف في أروقة الكونغرس الأميركي لدى قراءة تغريدة السيناتور الجمهوري تيد كروز. فقد أعلن الجمهوري المحافظ أنه قرر حجر نفسه في منزله في تكساس بعد احتكاكه بمصاب بفيروس كورونا الجديد («كوفيد 19») في مؤتمر المحافظين في واشنطن
وقال كروز إنه لن يعود إلى مجلس الشيوخ قبل انقضاء 15 يوماً على مدة الحجر. وأوضح: «لقد تم إبلاغي أنه ومنذ 10 أيام كنت على مقربة من شخص مصاب بفيروس (كوفيد – 19) في مؤتمر المحافظين. لقد تحدثت مع الشخص بشكل مقتضب، ثم تصافحنا. لا أعاني من أي عوارض حالياً لكن و من الحيطة والحذر قررت البقاء في منزلي في تكساس هذا الأسبوع وحتى انقضاء 14 يوماً». تصريح أرق مضاجع المشرعين، ودفعهم إلى البدء بحملات ضاغطة على قيادات الكونغرس لرفع جلساته تحسباً لأي إصابات جديدة، خاصة أن عدداً كبيراً منهم حضروا مؤتمر المحافظين الجمهوريين، ومؤتمر الايباك في واشنطن، حيث تم تشخيص حالتين مصابتين بالفيروس
وهناك قلق حقيقي من قبل أعضاء الكونغرس من انتشار الفيروس في صفوفهم، فأي إصابة تصيبهم تقع في خانة الإصابات الخطرة، خاصة أن 66 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ، أي نحو ثلثي أعضاء المجلس، هم فوق سن الستين، فيما يتخطى عمر أكثر من ربع الأعضاء السبعين عاماً
أما مجلس النواب، فمعدل عمر أعضائه هو 58 عاماً. ولم يسلم هؤلاء من التعرض للفيروس، فأعلن النائب الجمهوري بول غوسار أنه وضع نفسه هو أيضاً في الحجر الصحي لأنه احتك بشكل مباشر مع المصاب في مؤتمر المحافظين. وقال غوسار إن عدداً من موظفيه سوف يعزلون أنفسهم أيضاً وأنه سيغلق مكتبه طوال هذا الأسبوع
إضافة إلى تخوف أعضاء الكونغرس من إصابتهم بشكل شخصي، وخطر هذه الإصابة على وضعهم الصحي نظراً لتقدمهم في العمر، فهم أيضاً يحتكون بمئات الأشخاص بشكل يومي ويسافرون كل أسبوع من 435 مقاطعة في الولايات المتحدة إلى الكونغرس، حيث يجتمعون سوية ويتناولون طعام الغداء معاً مرّة في الأسبوع على الأقل. لهذا فهناك تخوف فعلي من فقدان السيطرة على انتشار الفيروس إذا ما أصيب به أي شخص في الكونغرس، سواء من المشرعين أو الموظفين هناك الذين يعدون بالآلاف
ورغم أن قيادات الكونغرس أعلنت أن برنامج الكونغرس لم يتغير حتى الساعة، إلا أن التحضيرات جارية على قدم وساق للتخطيط لاحتمال إغلاق المكاتب هناك ورفع الجلسات لأجل غير مسمّى. وقد بدأ مكتب أعضاء الشيوخ والنواب بإجراء دورات تدريبية للعمل من المنازل بدلاً من المكاتب، كما تعمل شرطة الكابيتول على التأكد من سلامة التواصل إلكترونياً خارج الكونغرس. ويقول بعض المشرعين: لا مفر من عدد من التدابير الوقائية كوقف الزيارات السياحية لمبنى الكابيتول ونقل العمل التشريعي إلى مبانٍ مختلفة على غرار ما جرى بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وتجتمع القيادات الديمقراطية والجمهورية دورياً في قبو الكونغرس مع مسؤولي الأمن وطبيب الكابيتول لتقييم الوضع. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي للصحافيين: «قائد الشرطة يقدم لنا عرضاً حول الإجراءات التي يتم اتخاذها للحفاظ على الأمن الصحي في المبنى». وتحدّث السيناتور الجمهوري روي بلانت، وهو المسؤول عن قواعد المجلس، عن المرات السابقة التي تم فيها إغلاق مبنى الكونغرس فقال: «أعتقد أن مبنى الكابيتول تم إغلاقه في عام 1918 لأسباب صحية»، وذلك في إشارة إلى انتشار عدوى الإنفلونزا التي أصابت ثلث سكان العالم حينها
وقد تزايد التخوف من إصابة المشرعين بالفيروس بعد إعلان العاصمة واشنطن عن وجود حالة فيها، إضافة إلى حالات في ولايتي فيرجينا وماريلاند المجاورتين. كما حضر المشرعون مؤتمري الايباك والمحافظين بأعداد كبيرة، وذلك قبل الإعلان عن وجود أشخاص مصابين بالفيروس في المؤتمرين. وقد تمت إضافة المئات من آلات التعقيم في مبنى الكونغرس، يستعملها المشرعون والموظفون بشكل مستمر كإجراء احترازي للوقاية
بالإضافة إلى المشرعين، يتخوف البيت الأبيض من تعرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو في السبعينات من عمره، إلى الفيروس. فهو حضر مؤتمر المحافظين، ورغم تأكيد البيت الأبيض أنه لم يحتك بالمصاب مباشرة إلا أنه صافح رئيس المؤتمر مات شلاب الذي كان على احتكاك مباشر مع المصاب. وقال شلاب: «لقد اتصلت بكل شخص في المؤتمر احتك بالمصاب، وذلك بهدف الشفافية واتخاذ الحيطة والحذر. يجب أن أؤكد: لا داعي لأن يخاف أي شخص حضر المؤتمر. فنحن نتخذ الخطوات اللازمة». وقد أصدر منظمو المؤتمر بياناً تحذيرياً يؤكدون فيه أنهم يعملون عن قرب مع وزارة الصحة في ولاية ماريلاند المجاورة للعاصمة حيث عقد المؤتمر. وأن الوزارة فحصت آلاف الموظفين في منتجع «غايلورد» حيث عقد المؤتمر من دون اكتشاف حالات جديدة
وقد أكد البيت الأبيض أن ترمب ونائبه مايك بنس الذي حضر هو الآخر المؤتمر لم يتم فحصهما للتأكد من عدم إصابتهما، لأنهما لا يعانيان من أي عوارض. كما حضر المؤتمر كل من وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي حضر أيضاً مؤتمر ايباك، ووزير الصحة ألكس عازار، وكبير موظفي البيت الأبيض الجديد مايك مادوز إضافة إلى ولدي ترمب إيفانكا ودونالد ترمب جونيور
رغم هذه التطورات، قال الرئيس الأميركي إنه غير قلق أبداً من أي تهديد محدق بالبيت الأبيض جراء انتشار الفيروس، وتعهد ترمب بعقد تجمعات انتخابية ضخمة رغم دعوة المسؤولين في القطاع الصحي للأميركيين بتفادي التجمعات. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنهم يتوقعون انتشار الفيروس بشكل كبير في البلاد في الأيام المقبلة، الأمر الذي سيحد من تحركات الرئيس