العقبات مفتاح النجاح : 2020 عام وضع النقاط على الحروف
يجمع كافة المتخصصين بصناعة الاتصالات وتقنية المعلومات على أن البشرية مقبلة على عالم جديد أكثر ذكاء خلال العقود الثلاثة القادمة بفضل التكنولوجيا الرقمية التي تعيد تشكيل العالم من جديد، حيث يؤدي استخدام التقنيات الحديثة في المجال التجاري – خاصة تقنية الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وانترنت الأشياء وتقنية “البلوك تشن” – إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي للعديد من الصناعات والقطاعات ويساهم في تحقيق رؤى التنمية الوطنية لكافة دول الشرق الأوسط.
أسهمت التطورات الأخيرة الحاصلة على صعيد التقدم التقني في توفير فرص هائلة للمنطقة خلال العام المنصرم 2019. ونفخر في “هواوي” بأننا كنا من السباقين للاستفادة من التقنيات الحديثة والقيام بدور فاعل على مستوى دعم جهود مشاريع الرقمنة بالتعاون مع الحكومات، وتوفير الحلول الرقمية لآلاف الشركات في العديد من القطاعات مثل التمويل والنقل والطاقة والأعمال الحكومية.
وقد كان عام 2019 مميزاً بالنسبة لنا على الرغم من كافة التحديات والمحاولات لعرقلة مسيرة تقدمنا. وبفضل جهود وإخلاص موظفينا وثقة عملائنا بنا، حوّلنا هذه العقبات إلى محاور دفع للنجاح.
كثيراً ما يتم توجيه أسئلة لي تتمحور حول الوضع الراهن لشركتنا وإن كانت هواوي في طريقها فعليا للسقوط وخسارة موقعها الريادي في مجال الابتكار وقدرتها على متابعة توفير محفظتها المعتادة من المنتجات والحلول وقيادة عملية التحول في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات على ضوء أحداث عام 2019 والضغوطات المستمرة على الشركة. وللإجابة على الشق الأول من هذا السؤال، يمكنني بداية ان أقول بأن تحقيق الأهداف لدى “هواوي” وتلبية احتياجات العملاء موضوع جاد لايقبل التذبذب لدينا على الإطلاق. ولعل الحقائق والأرقام التي تتجسد بإيرادات الشركة من المبيعات ونتوقع لها أن تتجاوز 122 مليار دولار أمريكي في عام 2019 محققة نمواً سنوياً بمقدار 18% خير دليل على عزيمتنا للبقاء منتصبي القامة. وقد تكون هذه الأرقام أقل أو أكثر من توقعاتنا الأولية، إلا أننا أكيدون أن أعمالنا ما زالت تحقق تقدماً على مستوى العالم عموماً، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص الذي بات يعتبر سوقاً عالمياً متقدماً بالنسبة للشركة، سيما في مرحلة بناء شبكات الجيل الخامس والاستفادة من ميزات الذكاء الاصطناعي وتطلع العديد من حكومات المنطقة لتكون سباقة في مجال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في عملية التنمية.
يعزى استمرار تحقيقنا لنتائج إيجابية للعديد من العوامل، ففي العام الماضي على سبيل المثال، حافظت تقنية الجيل الخامس على مكانتها في مقدمة أولوياتنا على المستوى العالمي عموماً ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. وجاء عدد من دول المنطقة في مقدمة الدول العالمية التي واكبت تسارع أحداث تطبيق آليات الاستفادة من تقنية الجيل الخامس، حيث تم إطلاق العديد من الشبكات التجارية التي تقدم خدمات الجيل الخامس في عدة دول، لتجد لها مكاناً رياداً ضمن أجندة العمل على تطوير الصناعات المحلية ودفع عجلة تقدم العديد من القطاعات المتخصصة. وواصلت “هواوي” زخم عملها على إطلاق شبكات الجيل الخامس التجارية على المستوى العالمي مدفوعة بنتائج استثماراتها الجادة في هذا المجال والتي بلغت 4 مليارات دولار أمريكي بدأت عام 2009 ، ويمثل ذلك ما يزيد عن إجمالي استثمارات الجيل الخامس للشركات الرئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا معاً.
وكنا قد وضعنا أسساً متينة لعملية التحول الرقمي جنباً إلى جنب مع ثلة من المؤسسات والمنظمات الصغيرة والكبيرة تحضيراً لنشر شبكات الجيل الخامس وخطط المدن الذكية بالكامل، وذلك على ضوء توقعاتنا بأن ما يقارب من 60% من سكان العالم سيتمتعون بخدمات الجيل الخامس في نهاية عام 2025 وأن 97% من الشركات الكبيرة ستعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي بحسب آخر تقارير أحدث دراستنا العالمية في هذا الصدد. ونتيجة لنهجنا الشمولي في العمل على دعم مسارات التحول الرقمي بطيف واسع من المنتجات والحلول والخدمات المتقدمة، اختارت أكثر من 700 مدينة و228 شركة من ضمن قائمة “فورتشن جلوبال لأكبر 500 “هواوي” كشريك للتحول الرقمي. وضمن هذا المسار، تشهد أعمالنا في منطقة الشرق الأوسط حراكاً جيداً بفضل الوعي العالي لعدد لحكومات المنطقة فيما يتعلق بالاستفادة من التقنيات الحديثة، وحرصهم على أن يكونوا من السباقين في جني أولى ثمارها كما هو الحال بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، بما يسهم في تحقيق أهداف الخطط والرؤى الطموحة التي وضعوها لبلدانهم تماشياً مع تطلعات مواطنيهم.
وبفضل التطور السريع للتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإطلاق أحدث منتجاتنا كمعالج الذكاء الاصطناعي الأسرع في العالم، وخدمة الذكاء الاصطناعي للتدريب النموذجي، وإطلاق الجيل القادم من منتجات تقنية المعلومات والاتصالات مثل تقنية “واي فاي 6” ونظام التخزين بتقنيات الذكاء الاصطناعي، نرى أن التوقعات الإيجابية للدور الهام الذي يمكن أن تقوم به التقنيات الحديثة على صعيد الدفع بعجلة نمو أعمال وجودة خدمات العديد من الصناعات والقطاعات خلال هذه الحقبة الرقمية قد بات أمراً ملموساً.
وبالنسبة لمبيعات “هواوي” من الهواتف الذكية، فقد واصلت نموها بشكل جيد رغم كافة العراقيل، حيث تم شحن 240 مليون جهاز إلى مختلف دول العالم على مدار العام. وحققنا المزيد من التقدم في تطوير النظام الإيكولوجي الذي يسعى لتوفير تجربة استخدام ذكية تشمل كافة المجالات والأجهزة، بما في ذلك أجهزة الحاسوب الشخصي، والأجهزة اللوحية، والأجهزة القابلة للارتداء، والشاشات الذكية.
آفاق النمو في عام 2020
في الوقت الذي حقق فيه قطاع تقنية المعلومات والاتصالات ازدهاراً على نطاق واسع في عام 2019، أصبحت بيئة العمل أكثر تعقيداً. فالتقنيات وآليات العمل التي كانت ناجحة في الماضي لن تكون كذلك بالضرورة في المستقبل، وقد تحتاج أن تلتمس لها طريقاً بعيداً عن النهج التقليدي بأقرب وقت ممكن، لتكون من ضمن بيئات العمل المرنة التي يجب أن لها أن تتغير وتتحول بما يتناسب مع الاهداف المستقبلية من خلال الاستفادة من التقنيات الثورية الجديدة.
وقد شهدت العديد من الاقتصادات الإقليمية والأسواق العالمية مزيداً من الضغوطات، فيما تستمر بعض الجهات محاولات عرقلة الجهود المبذولة لتطوير التقنيات الحديثة في عام 2020 من خلال وضع الحواجز والعراقيل بدلاً من تعزيز التواصل بين كافة الجهات والتشجيع على تبادل الأفكار لإنارة المزيد من محاور الابتكار. ولا شك أن هذه الظروف مجتمعة تسهم في وضع شركة هواوي وقطاع تقنية المعلومات والاتصالات أمام الكثير من التحديات، لذا عندما يسألني شركاؤنا وعملاؤنا عما تخبئه لنا السنة القادمة والعقد القادم أقول لهم بكل صراحة بأنه لا توجد إجابة واضحة. ولكن يمكنني القول بأننا في “هواوي” نعلم علم اليقين أننا جادين في عملية البحث واستكشاف الفرص الغنية الكامنة في عملية التحول الرقمي، وهو الأمر الأكثر أهمية الذي أخذناه على عاتقنا خلال 2020.، فنحن نشعر بمسؤولية كبيرة حيال تنوير عملائنا وشركائنا حول الفرص الكبيرة التي تحملها لهم التقنيات الحديثة كالجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وآليات العمل التي يجب اتباعها للاستفادة القصوى بشكل سريع من هذه التقنيات لتعود بالنفع على ربحية أعمالهم وجودة وسرعة خدماتهم سواء على مستوى الصناعات أو في مجال عمل القطاعات المتخصصة. ومن ناحية أخرى، نعلم يقيناً أيضاً أنه يجب علينا تعزيز قدراتنا ووضع خطط استباقية تواكب متطلبات بيئة العمل إذ نسعى مع العديد من شركائنا في الشرق الأوسط لتوفر أعمالنا قيمة كبرى لعملائنا وتكون مساهماً فاعلاً في تطور المجتمعات، ونرى ذلك قابلاً للتحقيق من خلال التعاون مع القطاعين العام والخاص للوفاء بمقتضيات تحقيق هذه الأهداف.
نمضي قدماً في طريقنا لتحقيق رؤيتنا، وسنعمل بجد على تطوير تقنية الجيل الخامس واغتنام الفرص لنشر الشبكات على نطاق واسع. وتركز أعمالنا على مجالات وعملاء ومناطق جغرافية وقطاعات متخصصة، مع استمرارنا في التركيز على هدفنا الأهم وهو تزويد عملائنا بمنتجات وحلول ابتكارية تمتلك الميزات الذكية التي تتيح الأداء السلس والنتائج المتوقعة، بموازاة عملنا على تعزيز بناء النظام الإيكولوجي الشامل والمتكامل مع الشركاء والعملاء، وكذلك بناء منصة خدمات هواوي (اتش ام اس ) لمواصلة تسويق هواتفنا الذكية في الأسواق العالمية.
ندرك تماماً أن الطريق لن يكون سهلاً وممهداً أمامنا بشكل مثالي طوال الوقت، وأن طموحاتنا لن تتحقق بسهولة دون بذل جهود مضاعفة خصوصاً ضمن دائرة إيجاد العديد من البدائل، لكننا نعلم على قدر مسؤولية وضع الأولويات والتعامل مع المستجدات وفق منهج شامل ومتكامل يعزيز مساعينا نحو تحقيق هذه الطموحات، مدفوعين بثقة وتشجيع عملائنا لنا خصوصاً في هذه المرحلة الهامة التي تمر بها الشركة.
وكما قال رئيس مجلس إدارتنا بالإنابة إريك شو مؤخراً لموظفينا في كلمته لهم في مطلع العام الجديد: “الحظ الجيد يتطلب عملاً”، نسعى للتوصل إلى أفكار خلّاقة تدعم قدراتنا على انتاج مزيد من الابتكارات التقنية لوضعها على شكل منتجات وحلول في خدمة دعم خطط عمل واستراتيجيات عملائنا المستقبلية، خصوصاً خلال المرحلة الحالية الهامة تفرز مسارات جديدة من فوائد التكنولوجيا. وقد استثمرنا في ذلك على مدار الثلاثين عاماً الماضية من 10% إلى 15% من إيراداتنا السنوية في مجال البحث والتطوير. واليوم، تحتل “هواوي” المرتبة الخامسة ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي للبحث والتطوير الصناعي باعتبارها خامس أكبر مستثمر في مجال البحث والتطوير على مستوى العالم.وفي هذا الإطار، تتمثل استراتيجية الشركة وسياسة التغيير الحالية فيها ببذل المزيد من الجهود لتعزيز قدراتنا في هندسة البرمجيات، وقد خصصنا لذلك ميزانية تبلغ ملياري دولار أمريكي لمدة خمسة أعوام لبناء الجودة وتقديم المنتجات والحلول الموثوقة. وسنتابع استثماراتنا الكبيرة في مجال البحث والتطوير لمواصلة قيادة عملية الابتكار والتطوير، والتي تعد العامل الرئيسي في ثقة عملائنا بنا وبالتالي استمرار نجاح أعمالنا.
النجاح بالنسبة لنا يعني توفير سلسلة توريد عالمية – بما في ذلك الموردون الأمريكيون – تساهم في تعزيز قدراتنا التنافسية، حيث نحتاج إلى زيادة قواعد الإمداد للحفاظ على استمرارية التوريد بالإضافة إلى تطوير منتجاتنا الرائدة. كما نحتاج أيضاً لتطوير هيكلنا التنظيمي والقوى العاملة لدينا لتعزيز أعمال الشركة، ويشمل ذلك تعزيز تنقل موظفي البحث والتطوير لدينا. ولذلك ينبغي تكثيف الجهود لتطوير المواهب المحلية ومساعدتها على الوصول إلى طاقاتها القصوى.
يمثل الالتزام بالقوانين واللوائح أولوية قصوى بالنسبة لهواوي. كما يأتي تعزيز الأمن السيبراني وحماية الخصوصية على رأس جدول أعمالنا في الشرق الأوسط والعالم، وسنواصل الالتزام بجميع القوانين ذات الصلة في الأسواق التي نعمل فيها.
سيبقى هدفنا هذا العام من الثوابت التي لن تتغير في عام 2020، حيث يمكن للعملاء والشركاء في الشرق الأوسط الاعتماد علينا لتمكين التحول الرقمي في كافة المجالات وتوفير التكنولوجيا الرقمية للجميع.
لن تكون طموحات تحقيق أهدافنا وخطط عملنا متاحة إلا إذا حافظنا على أولوياتنا وفي التركيز على العميل والانتقال للمستوى التالي لثقتهم بنا. ونحن على يقين بأن الصعوبات ماهي إلا مقدمة لمزيد من النجاحات، وأن العام الجديد فرصة كبيرة لنا لإثبات أنفسنا وتحفيز مزيد من محاور ابتكاراتنا بفضل عملنا كفريق واحد بالتعاون الوثيق بين موظفينا وشركائنا وعملائنا.
نتطلع قدما لمتابعة تطوير قدارتنا وتقديم الأفضل لعملائنا وشركائنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما يتناسب مع طموحات شعوب المنطقة ويرتقي لرؤى قيادات حكوماتها.
بقلم: تشارلز يانغ، رئيس شركة “هواوي” في منطقة الشرق الأوسط